القاتل المهذب...السيد صول !!! ( الجزء الثاني )

...و بدأ الصبية العشرون الذين علمهم ( ستاني ) يعزفون مقاطع موسيقية عالمية...كانت مقاطع بسيطة و لكنها أسعدت أوليائهم كثيرا، و في إحدى الأمسيات الصيفية اختفت (بيرلا ) فجأة...و هي فتاة في العاشرة من عمرها... و إحدى تلميذات ( ستاني ) النجيبات...و سرعان ما هب سكان المدينة للبحث عنها...لقد بحثوا في جميع أزقة المدينة و طرقاتها...و حتى في الغابات المجاورة للمدينة...و لكن دون جدوى ، و كخطوة أخيرة أبلغوا مركز الشرطة الذي كان يبعد مسافة ميلين عن المدينة...و عند التحقيق مع والدتها قالت هذه الأخيرة ...أن آخر مرة رأتها فيها كانت عند ذهابها لدرس الكمان !...أما ( ستاني ) فقال أن ( بيرلا ) لم تحضر درس الكمان في ذالك اليوم...و كذالك قال زملاؤها ، و بعد شهر من اختفائها كانت عمليات البحث قد توقفت ، و رجحت الشرطة فرضية اختطافها و نقلها خارج المدينة...و أقيمت بمنزل والدتها تأبينية حضرها ( ستاني )...الذي بدى متأثرا جدا لفقد واحدة من أنجب تلميذاته !...و لما منحت الكلمة ل ( ستاني ) قال بالحرف الواحد : إن بيرلا ستبقى دوما أجمل ذكرى في حياتي...و طبعا تأثر الجميع بكلماته ، و في الغد انتقلت والدة ( بيرلا ) للقاعة التي كان ( ستاني) يعلم فيها الموسيقى...و طلبت منه الكمان الخاص ب ( بيرلا ) لكي تحتفظ به كتذكار ، و لم يتردد ستاني في منحها إياه...و لما أمسكته لاحظت عدم وجود الوتر الرابع...وتر النوتة صول (...للكمان أربعة أوتار : وتر مي ، وتر لا ، وتر ري ، وتر صول ) ...و من دون أن تسأله السيدة بادر ( ستاني ) بالقول : إن الوتر صول تمزق خلال آخر تمرين ( لبيرلا ) قبل اختفائها... !!!
...ثلاثة أشهر بعد اختفاء ( بيرلا ) اختفى صبي آخر في السابعة من عمره يدعى ( مارتن )...و كان تلميذا ل ( ستاني ) أيضا...و لكن اختفاءه كان بطريقة مختلفة عن تلك التي اختفت بها ( بيرلا )...حيث قال زملاؤه بأنه توجه لمنزله مباشرة بعد خروجه من المدرسة...لكنه لم يصل !...وجد ( مارتن) بعد يومين في كيس مملوء بالحجارة...بعدما طفى الكيس فوق النهر...ووجد عنق الصبي ملفوفا بسلك حديدي بطول متر تقريبا...و لكن الطبيب الشرعي قال أن ( مارتن ) قتل خنقا بواسطة اليدين...و بعدها لف المجرم عنقه بذالك السلك الحديدي...
اعتقدت والدة ( بيرلا) بأن ابنتها قد تكون قتلت بطريقة مشابهة...فاستأجرت العائلة غواصين للبحث عن جثة الفتاة في النهر...و بعد ثلاث ساعات من البحث المتواصل وجدوا بقايا الجثة...و هي في حالة متقدمة من التحلل...و كانت قد سحبت للقاع بربطها بعناية بصخور ثقيلة لضمان بقائها في الأسفل...و بعد تقديم الجثة للتشريح تبين بأن ( بيرلا ) لم تتعرض لاعتداء جنسي ...كما وجد سلك حديدي طويل حول عنقها...و كان مشابها للسلك الذي وجد حول عنق ( مارتن ) ...قامت والدة ( مارتن ) بزيارة والدة ( بيرلا ) ...و جلبت لها هذه الأخيرة الكمان الخاص بابنتها...و هنا تذكرت والدة ( مارتن ) الآلة الموسيقية الخاصة بإبنها...و قررت استرجاعها....................يتبع

القاتل المهذب...السيد صول !!! ( الجزء الأول)

لقد كتبت هذه القصة منذ مدة... و هي محاولة بسيطة أرجوا أن تنال إعجابكم أعزائي القراء

...في مدينة هادئة...يجتمع سكانها نهاية كل أسبوع في حديقتها العامة ...يتسامرون ثم يعود كل منهم إلى بيته ، كانت حياتهم بسيطة و لكنها لا تخلو من السعادة...إلى أن حل بهذه المدينة شاب في العشرينات من عمره...ذو ملامح أوروبية شرقية ، كان شكله يوحي بالرصانة و الهدوء...ملابسه مرتبة ومتناسقة بشكل يوحي بأنه يهتم بالتفاصيل...آه نسيت أن أخبركم بإسمه ...كان اسمه ( ستانيسلاف إيمانوفيش )...لما دخل القرية لأول مرة كان يحمل حقيبتين : الأولى كانت لملابسه و الثانية كانت حقيبة خاصة بآلة الكمان...لقد كان موسيقيا بارعا...
استأجر بيتا صغيرا...طباعه الهادئة و حمرة الخجل التي تظهر على وجنتيه كلما تحدث دفعت سكان المدينة إلى إشراكه في سهرة نهاية الأسبوع ...و سرعان ما أصبح وجود ( ستاني) في تلك السهرة أمرا ضروريا...فقد كان يمتع الحضور بعزفه على الكمان
و باعتبار ( ستانيسلاف ) عاطلا...و يبحث عن عمل ، اقترح أعيان المدينة عليه تعليم أطفالهم العزف على الكمان مقابل أجرة شهرية...
تردد ( ستاني) للوهلة الأولى...أو ( هكذا أراد أن يبدوا) !!!...ثم قبل أخيرا
فرح سكان المدينة بذالك ، و لم يعلموا أن هذا العرض كان أكبر خطأ ارتكبوه...
...يتبع

عبارات شائعة...حوار بين يوسف و بيكاريا الصغير

يوسف : ( مايا ) فتاة فاتنة...أيمكن القول بأن جمالها يشكل خطورة إجرامية ؟...فقد تستغله لإغواء الآخرين...
بيكاريا الصغير : الخطورة الإجرامية هي توقع ارتكاب الجريمة من مجرم سابق ، فجمال ( مايا) ليس له علاقة بالخطورة الإجرامية ، لأنها لم ترتكب جريمة من قبل !!!...
يوسف : سمعت بأن الإعتراف سيد الأدلة...ماذا لو اعترفت ( مايا ) بارتكاب جريمة ما ، هل سيكون ذالك كافيا لمعاقبتها؟
بيكاريا الصغير : الإعتراف دليل من أدلة إثبات الجريمة ، و له نفس قيمة شهادة الشهود...و أدلة الإثبات الأخرى ، فقد يأخذ به القاضي أو يرفضه...
يوسف : إذا لم تتوفر أدلة كافية ضد المجرم يفرج عنه مؤقتا و يستدعى يوم المحاكمة...أليس هذا صحيحا ؟
بيكاريا الصغير : لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يوصف الإفراج بالمؤقت...بل حبس المجرم هو المؤقت ، لأن الأصل في الإنسان البراءة...أما إذا استدعى التحقيق حبسه...فهذا مجرد إستثناء ، و لذا نقول حبس مؤقت...و إفراج...
و بعد لحظات اختفى بيكاريا الصغير...و ما إن بدأ يوسف بمناداته حتى استيقظ هذا الأخير...لقد كان حلما !!!

ملاحظة : لقد استعملت إسم بيكاريا الصغير في هذه التدوينة نسبة إلى أحد فقهاء القانون : و هو الفقيه و المحامي الإيطالي سيزار بيكاريا...الذي ولد سنة ألف و سبع مئة و ثمان وثلاثين...و توفي سنة ألف و سبع مئة و أربعة و تسعين


التراجع عن الجريمة ...هل يشفع للمجرم؟؟؟

فريد و محمود لصان محترفان يعملان معا...في أحد الليالي قررا سرقة منزل رجل ثري بعدما تأكدا من غيابه...و اتفقا على أن يدخلا من جهتين مختلفتين على أن يلتقيا في غرفة النوم ،و ما إن تسلق فريد الجدار حتى سمع آذان الفجر...احتقر فريد نفسه في تلك اللحظة و قرر التوبة...نزل من فوق الجدار وعاد إلى بيته...في تلك الأثناء كان محمود قد نزل في حديقة المنزل...فجأة سمع خطوات قادمة نحوه ، واعتقد أن أمره انكشف...خرج من المنزل مسرعا...ففاجأته دورية من الشرطة وقبضت عليه...صرح محمود بأنه تراجع عن الجريمة و أنه كان برفقة فريد ...فهل يعاقب محمود و فريد على جريمة السرقة التي لم تتم؟؟؟
يسمى التراجع عن الجريمة ( عدولا ) في لغة القانون...و العدول عن الجريمة يعفي المجرم من العقوبة...إذا كان تراجعه قبل إتمام الجريمة...و كان باختيار المجرم ، أما إذا كان المجرم مجبرا على التراجع...كمن يرى شرطيا !...أو يغادر مسرح الجريمة لأن الضحية هرب منه ...لم يكن لتراجعه فائدة...و سيعاقب لأنه حاول ...و لم يستطع !!!
غير أن هناك مجموعة من الجرائم التي تتحقق بمجرد القيام بأول فعل منها...دون انتظار النتيجة كجريمة التسميم...هنا لا يؤثرتراجع المجرم على عقابه...فمن يسمم شخصا ثم يندم و يحاول إسعافه...لم ينفعه ندمه و سيعاقب.....
و بالرجوع إلى القصة التي ذكرناها آنفا...يستفيد فريد من تراجعه لأنه تراجع إراديا فهو بريء...أما محمود فيعاقب لأنه اضطر للتراجع...فلولا الخطوات التي سمعها لما تراجع...

التحريض على الجريمة...منصف و إبتسام !!!

منصف طالب جامعي...حاول التودد إلى زميلته سارة ، و لكن سارة أبدت رفضها الصريح لشخصه !...بعد أيام إلتقى منصف بإبتسام و هي صديقة سارة الحميمة...و أخبرها بأن سارة وصفتها بأنها عاهرة...و أن عليها أن تنتقم لشرفها !...بحثت إبتسام عن سارة ولما وجدتها دفعتها بقوة...فاصتدمت سارة بقضيب حديدي...و أصيبت بجروح...
من البديهي اعتبار سارة ضحية وإبتسام مجرمة...و لكن ماهو الوصف الذي يمكن إطلاقه على منصف ؟؟؟...إنه المحرض على الجريمة
و التحريض على الجريمة هو دفع شخص ما لارتكابها...فالمحرض شيطان آدمي !!! ، و ينبغي أن يكون التحريض صريحا ، و أن يكون موجها إلى الشخص المراد تحريضه مباشرة...و للتحريض صور أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها ( منتهى الخسة و النذالة ) فقد يقوم المحرض بتحريض شخص مجنون...أو صبي صغير...و قد اختلفت القوانين الجزائية فمنها من يضع المحرض في مرتبة المجرم الحقيقي...و يعاقبه نفس العقوبة ، و منها من يعتبره شريكا في الجريمة فقط...أي أدنى منزلة من الفاعل الحقيقي لها...غير أني أعتقد أن معاملة المحرض كالفاعل الحقيقي للجريمة هو الأنسب ، لأن حماية المحرضين سيؤدي تدريجيا إلى وجود طبقة من المجرمين الأحرار ، و الذين يرتكبون الجرائم يوميا...دون أن نشعر بهم...فمنصف هنا مجرم يستحق نفس عقوبة إبتسام...مارأيك عزيزي القارئ ؟؟؟