علبة شكولاته........مولود جديد !

...كتبت هذه التدوينة فقط لأعرفك عزيزي القارئ على مولود جديد...أو مدونتي الجديدة و التي اتفق أن أسميتها علبة شكولاته...لا أعرف كيف يمكنني تصنيفها...و لكني أعتبرها مدونة شخصية عاطفية...و لا تمت إلى الجريمة بصلة...هي مساحة للتعبير عما يشعر به الإنسان من عواطف صادقة...و التي أرجو أن تشاركني إياها...لطالما قلت عن زوار مدونة الجريمة و الشكولاته أنهم أهل البيت و ليسوا ضيوفا.......كذلك ستكونون في مدونتي الثانية فمرحبا بكم............

جريمة الإبادة الجماعية...هانز و اللعنة البولونية !

هانز فرنك Hans frank ...النازي الذي لقب بجلاد البولونيين بعدما نسبت إليه أبشع جرائم التطهير العرقي لليهود في بولونيا...التطهير العرقي...التصفية الجماعية...معاداة السامية...كلها تسميات مختلفة تطلق في محلها أحيانا و في غير محلها أحيانا أخرى لجريمة دولية واحدة ارتكبت منذ القدم من شعوب مختلفة و ترتكب اليوم و سترتكب حتى نهاية العالم...لأنه طالما وجدت أنظمة لتوفر الغطاء القانوني لهذه الجريمة و أنظمة متواطئة معها بسكوتها عنها فليس من الغريب تكرار مجازر بولونيا...
و قبل التطرق لأركان جريمة الإبادة الجماعية...هناك ركن إفتراضي ينبغي توفره و هو وجود جماعة مختلفة عن المجرمين الذين ارتكبوا الجريمة...قد تكون دينية أو عرقية...تعيش في إقليم واحد مع جماعة أو جماعات أخرى...فالشيعة و الدروز و السنة و الصوفية و الموارنة و الأقباط...جماعات دينية ، أما الأرمن و السلاف مثلا... فهي جماعات عرقية...باختصار لابد من وجود تجمع بشري متميز عن غيره . 
أما أركان الجريمة...فركنها الشرعي هو المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، و هي المرجعية القانونية في متابعة مرتكبي هذه الجريمة التي غالبا ما يكون مرتكبوها عسكريون!!!...أما الركن المادي فيتمثل في مجموعة من الأفعال التي يكفي إتيان واحد منها لقيام الركن الأساسي للجريمة...الفعل الأول هو قتل أفراد الجماعة ، أما الفعل الثاني فهو إلحاق ضرر جسدي أو عقلي بهم و يتحقق الضرر الجسدي بالإيذاء الشديد...أما الضرر العقلي فيتحقق بترويعهم ، أما الفعل الثالث فهو إخضاع هذه الجماعة لظروف معيشية صعبة كتسميم و تلويث مصادر المياه و قطع مصادر التغذية...منع دخول الأدوية لهذه الجماعة...أما الفعل الرابع فهو فرض تدابير منع الإنجاب من خلال تعقيم أفرادها أو إجبار الحوامل من النسوة على تناول أدوية منع الحمل أو حتى الإجهاض بالنسبة للمتقدمات منهن في مراحل الحمل...
أما الفعل الخامس فهو نقل أطفال هذه الجماعة جبرا إلى جماعات أخرى...هذا عن السلوكات المادية التي يمارسها المجرم أو المجرمون و التي تعتبر الركن المادي للجريمة...بيد أن لكل جريمة ركن معنوي ينبغي توفره و هو العلم بأن السلوك المرتكب ممنوع و مع ذلك الرغبة في القيام به ، و يتحقق الركن المعنوي في جريمة الإبادة الجماعية بعلم المجرم بأن السلوكات التي يقوم بها ستؤدي حتما إلى إهلاك الجماعة كلها أو جزء منها و مع ذلك يتعمد القيام بهذه السلوكات...فقتل أفراد الجماعة و منع الإنجاب يؤديان لهلاك هذه الطائفة ، و إلحاق الضرر الجسدي أو العقلي بها سيؤدي تدريجيا لتصفيتها...أما وضع الجماعة في ظروف معيشية صعبة فهو قتل تدريجي لهذه الأخيرة...و قد يثور بعض الإلتباس في ذهن القارئ بشأن الحالة الأخيرة و هي نقل أطفال الجماعة لجماعة أخرى عنوة...فلماذا اعتبر هذا الفعل إبادة؟؟؟ مع العلم أن نقل طفل إفريقي من دولة تعاني الفقر المدقع و المجاعة إلى بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا سيكفل له حتما ظروف معيشية أفضل بكثير من تلك الموجودة في بلده الأصلي...هنا أقول أنه عند نقل هذا الطفل سيلقن دينا آخر...لغة أخرى...ثقافة أخرى...و بعد سنوات سنجد رجلا مختلفا تماما عن شعبه الأصلي...رافضا لأي إنتماء إليه ، حيث كان من المفترض أن يكون فردا في شعبه الأصلي مناضلا في سبيل قضيته العادلة...و لكنه هنا أصبح في حكم الصفر عند شعبه...فنقله و هو صبي أشبه بتصفيته !
و مع هذه الأركان السالفة الذكر يجب توفر الركن الدولي للجريمة...
أعدم هانز فرنك بعد محاكمات نورنبورغ...و لكن التاريخ لا يرحم ، و بقي هانز وصمة عار في تاريخ الإنسانية...شبحا مخيفا لكل بولوني عاش في تلك الفترة...كم هانزا يعيش معنا اليوم في هذا العالم ؟... لا تختبروني بالعدد حتى لا أصاب بنوبة إكتئاب !!!  
   

الرجل العسكري و رجل القانون...الأستاذ سقراط !!!

...كان من المفروض أن اكتب هذه التدوينة منذ مدة...و لكنني تريثت حتى لا يعتبر ما سأكتبه ظرفيا...كما أنني خشيت أن أحسب على طائفة ما و هذا خاطئ...و قد يقول قارئ لهذه التدوينة : ما علاقة مدونتك المهجورة التي تعنى أساسا بالقسم الجزائي من القانون بالسياسة ؟ و هنا أجيبه بالقول أن مدونتي هذه مدونة قانونية بالدرجة الأولى...و هذه التدوينة بالذات هي مقاربة بين قيمتين : القانون و القوة !!! 
...لا أدري لماذا تذكرت فجأة و بعد أحداث مصر الأخيرة زمنا من الأزمنة الغابرة...و عهدا قديما من العهود السالفة...خلده المؤرخون الإسرائيليون في سفر...أسموه سفر القضاة و الذي يتكون من واحد و عشرين إصحاحا...و للتوضيح فقط هذا إسم السفر و العهد و ليس للقضاة كصفة أو مهنة علاقة بهذه المرحلة...و لكن ما وجه الشبه بين عهد القضاة في تاريخ بني إسرائيل و مصر اليوم ؟ 
الأمر بسيط...لقد ساد في ذلك الزمن الغابر الذي امتد طيلة مئتي سنة العصيان و التمرد و الفوضى و القتل...أما وجه الشبه الثاني فهو أن قيادة الشعب الإسرائيلي أو الدولة الإسرائيلية في تلك الفترة كانت لقادة عسكريين...عثنئيل بن قناز...اهود بن جيرا...شمجر بن عناة...جدعون بن يواش...أبيمالك بن يربعل...يفتاح الجلعادي....!!!
لا أريد إحصاء الدول المعاصرة التي تعيش إلى اليوم تحت قيادة عسكرية...على النقيض تماما دعونا نعد للدولة التي تعلمنا منها معاني التمدن و الحضارة...و أنظمة الحكم...تعلمنا منها معنى الديموقراطية و سلطة القانون...أثينا...المدينة الدولة...إنها سنة 399 قبل الميلاد...اليوم و الشهر لا أدري...و لكن الحدث هو محاكمة الفيلسوف سقراط....كان جميع سكان أثينا من الرجال الذين أتموا الخدمة العسكرية يشاركون في إدارة مدينتهم...أو دعنا نقل...دولتهم...كانوا يمثلون السلطات الثلاثة...القضائية و التنفيذية و التشريعية...لقد عرفوا معنى الديموقراطية قبل ولادة لوك و مونتيسكيو بقرون !!! و ربما لو كان مونتيسكيو حيا في تلك الفترة لكان أفسد بنظريته في فصل السلطات أثينا...و لتعرض للمحاكمة و العقوبة....لقد شارك 450 مواطن آثيني في محاكمة سقراط...و حكموا عليه بالإعدام...و قبل تنفيذ الحكم عرض تلاميذ سقراط عليه تهريبه من السجن...و لكنه رفض بشدة...لسبب بسيط و لكنه مقنع : لقد علمت الناس طوال حياتي احترام القانون...لا ينبغي لي أن أخالف القانون اليوم...علي إحترامه و إن بدى ظالما !!! 
لقد واجه سقراط محاكمة ظالمة...كما واجه الموت بشجاعة و شرب الكأس المسمومة كما يشرب أحدنا كوب الماء...فقط دفاعا على القانون...
القانون كالجنين...شهور حمله مضنية لوالدته...ولادته عسيرة...و لكن رؤيته مكتملا تنسي تعب المراحل السابقة و لا تظهر ثمراته إلا بتطبيقه...و قد قدر لرجال القانون أن يقضوا حياتهم و يفنوا أعمارهم في صياغة مواد تساهم في ترقية الشعوب...
أما الرجل العسكري...و إن كانت وظيفته تقتضي حماية الدولة و المساهمة في تطبيق القانون إلا أنه لا يرقى لدرجة تمكنه من تسييرها...فكل ميسر لما خلق له...فالقوة قيمة وجدت لتستعمل في مكان معين و زمن معين من شخص معين ضد شخص معين...أما القانون فهي قيمة مختلفة تماما...قيمة مدنية...تبحث بسلمية في أوساط المجتمع لتجد ما ينبغي تنظيمه...و تعود لصياغة مواد قانونية لتدارك النقائص و الثغرات...و لهذا فإن من الصفات التي ينبغي توافرها في الرجل العسكري القوة...حدة النظر...قوة التحمل...أما الصفات التي على رجل القانون أن يتحلى بها فتصب في وعاء واحد هو فهمه للبيئة التي سيسن لها القوانين و يطبقها فيها...و للحديث بقية...دمتم  

العلاقة بين القانون و الجنس..صراع بين أفروديت و تيميس! ( الجزء الأخير )

لقد اتفقنا أن الجنس غريزة من غرائز البقاء شأنه شأن الهواء الذي نستنشقه و الطعام الذي نتناوله...و لكن السؤال الذي لطالما راودني من خلال دراستي للجرائم الجنسية هو : لماذا يشترط القانون و كذا الدين أن يمارس الجنس بإرادة حرة ؟؟؟
و لكي تفهم مقصدي عزيزي القارئ تخيل أنك رجل بالغ في جزيرة معزولة ! و توجد في نفس الجزيرة فتاة رائعة الجمال...و كنتما تعيشان معا في الجزيرة لسنين طويلة...و ليس لكلاكما أي فرصة في الخروج من هذه الجزيرة و التواصل مع أناس آخرين...عرضت على هذه الفتاة الإرتباط فرفضت رفضا قاطعا...ما العمل ؟؟؟
حاولت دائما تشبيه هذه الحالة بحالة الطفل الصغير الذي يرفض تناول وجبات طعام متتالية...فلو ترك على حريته لأصيب بفقر في الدم أو أي مرض آخر...
و الإجابة في رأيي المتواضع هي أن الجنس هو الحرية المطلقة الوحيدة التي على المرء أن يقرر بمفرده ممارستها من عدمها ، و لا يمكن سؤاله عن سبب رفضه...لأن الفعل الجنسي مرتبط بعاطفة إنسانية أقوى بكثير من الإحساس الذي نحسه عندما نرى طبقا معينا من الطعام ! و لمعرفة كنه هذه العاطفة لابد من معرفة ماذا يريد الرجل من خلال ممارسته للجنس ؟ و ماذا تريد المرأة من خلال هذه الممارسة ؟...هذا أمر يطول شرحه...! 
لنعد لموضوعنا و هو الحرية في ممارسة الجنس...و يسمى الإكراه على ممارسة الجنس إما إغتصابا أو هتكا للعرض أو فعلا مخلا بالحياء ، و الفرق بسيط بين الجرائم الثلاثة...فأي ملامسة غير بريئة لأي عضو من أعضاء الأنثى أو الرجل يتحقق بها الركن المادي لجريمة الفعل المخل بالحياء...أما إذا كانت هذه الملامسة غير البريئة على عضو حساس من أعضاء أحد الجنسين...كالثدي بالنسبة للأنثى كانت الجريمة هنا هتكا للعرض...أما الإغتصاب فهو إدخال العضو الذكري في فرج الأنثى...و الغريب أن التشريعات العربية لا تفرق بين هذه الجرائم فمنها من يسمي الإغتصاب هتكا للعرض ، و منها من يجعل الأنثى فقط ضحية للفعل المخل بالحياء...مع أنه يمكن أن يكون الرجل ضحية لهذا الفعل أيضا!!! 
كان ( بان ) ذميم الخلقة...ذو وجه شيطاني بقرنين صغيرين و لحية موزعة بشكل عشوائي على وجهه القبيح...و مع شكله المخيف كان شديد الشبقية...عاشقا للنساء...و كانت الآلهة ( بومونا) إلهة أشجار الفاكهة مضرب المثل في الأناقة و الجاذبية...ممشوقة القوام...حلوة الإبتسامة...و قد عزفت عن الزواج...رغم أن ( فارتيموس ) أحبها حبا جنونيا...و في صباح ربيعي لمح القبيح بان الجميلة بومونا و هي تطوف حول شجرة تفاح كبيرة و تغني لها...لم يستطع بان تمالك نفسه...و أمسك بومونا من خاصرتها و حاول تقبيلها...صرخت بومونا بأعلى صوتها...و توافق أن سمعتها أفروديت...هنا هددت هذه الأخيرة بان بإخبار والدها بالأمر ، فترك بومونا و اختفى بين الحقول ! 
و في حديث نسائي بين أفروديت و تيميس أخبرتها بالحادثة...و هنا استنتجت تيميس أن الحرية مقترنة بالجنس...و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقترن العاطفة بالعنف...و قد اتفقت النسوة على هذه النقطة أخيرا و بلا مقاومة من أفروديت ! 
فالإغتصاب يكون حتما مقترنا بالعنف...كما قد يقترن الفعل المخل بالحياء و هتك العرض بالعنف أو المباغتة كأن يظهر الرجل أنه سيلمس شيئا ما ثم يلمس فخذ الضحية...
هنا لابد من إبراز مسألة مهمة و هي فلسفة فرنسية بدأت تشيع في مجتمعاتنا العربية و الإسلامية...ففي فرنسا تستطيع المرأة المتزوجة منع زوجها من ممارسة العلاقة الجنسية معها بحجة أنها حرة...و أن الجنس ممارسة إرادية...و بعيدا عن الجدل القانوني في المسألة...أعتقد شخصيا أن الزوجة التي تمنع زوجها من معاشرتها مخطئة...و كان ينبغي لها اللجوء للخلع إذا كرهته...أما أن تمنعه من مضاجعتها فهذا يفتح أمامه و أمامها الباب على مصرعيه لممارسة الجنس مع آخرين مع الإبقاء على العلاقة الزوجية و هذا خاطئ !
تزوجت بومونا من فارتيموس...و حضر بان حفل زفافهما...و مع أنه لم يكن سعيدا بهذا الزواج إلا أنه حاول كتم غيضه و غيرته فهو مجبر على نسيان بومونا للأبد !...لم تروي أفروديت ما شاهدت لفارتيموس عملا بنصيحة تيميس...و يبدو أن تيميس أصبحت مقربة من أفروديت...قد يساهم هذا في تهذيب سلوكات أفروديت الطائشة...من يدري !!!