لقد تأخرت كثيرا في كتابة هذه التدوينة ربما لمشاغل نقلتني مرغما من عالم التدوين إلى مكان آخر....و لكنني عدت و المرء لا يعود إلى مكان كان قد غادره إلا أن تكون نيران الألفة والحنين في قلبه قد غلبت مشاغل الدنيا.... المهم !!
كعادتي أبدأ بالنتيجة ثم أشرع في التحليل....قد يبدو عنوان التدوينة غريبا بعض الشيء ولكنني أعتقد أن الإرهاب كظاهرة ليس جريمة دولية هو فعل سيء نعم....ظاهرة بشعة تهدد الإنسانية و لكنه قطعا لايرتقي لمصاف الجرائم الدولية .
تتميز الجريمة الدولية عن نظيرتها الوطنية في كون الأولى تستأثر بالركن الدولي في حين تفتقر الثانية لهذا الركن ، و في الإرهاب يستهجن المجتمع الدولي اختطاف الطائرات و تفجيرها في الجو ، كما يستهجن ترويع الآمنين في الشوارع و لكن هذا الخوف و الإستهجان لا يرتقي لأن يصبح ركنا ، ببساطة لأنه لا توجد دولتان تتفقان على فعل واحد و تفاصيله من الأفعال المكونة للركن المادي للجريمة الدولية فكيف لنا أن نصف جريمة ما بالدولية في حين لا يتفق المجتمع الدولي على تجريمها ؟
من الناحية القانونية فإن الجرائم الدولية معرفة تعريفا دقيقا كجرائم الحرب و كذا الجرائم ضد الإنسانية و جرائم الإبادة ، و باستثناء جريمة العدوان فلا مشاكل حقيقية من حيث التعاريف...لكن الإرهاب يبقى متوفرا في كل الجرائم و غائبا في كل الجرائم...فمن يمارس الإبادة الجماعية بطريقة ممنهجة للتخلص من مجموعة بشرية بسبب عرقها لا شك في أنه مجرم و لكن اعتباره إرهابيا وصف لا يخلو من المبالغة لعدم إمكانية الإتفاق على تحديده .
ما ألاحظه يوميا هو استغلال كلمة الإرهاب لأغراض سياسية أكثر من مكافحة الإرهاب كظاهرة إجرامية ....توصف الدولة الضعيفة بأنها توفر الملاذ الآمن للإرهاب فترضخ الدولة الضعيفة لشروط مذلة تنتقص من سيادتها دون حاجة لتهديد بسلاح آخر ، الأمر أشبه بالأب الذي يصف إبنه على مسمع منه بالكسول لا لشيء سوى لكي ينتفض الإبن و يسارع للنهوض من فراشه و الإستعداد للذهاب لمدرسته .....!!!
أما الجريمة فالأمر مختلف تماما....حيث أنك تعاين الجريمة فتبدأ المتابعة الجزائية دون حاجة لتنبيه المخطئ....لأنك بكل بساطة لن تقيم منصات لإطلاق الصواريخ في حديقة منزله....لتساومه على ذلك ، كما أنك لن تستعمل شرفة منزله كقاعدة جوية ...و اللبيب بالإشارة يفهم !!!..............يتبع