جريمة الإجهاض...و التدرج في رتب الإجرام !!!

البحث في عالم الجريمة......... يجعل الباحث يصادف أنواعا من الجرائم أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها الأسوء.....لأنها تجعل المجرم أشبه بأي مخلوق ماعدا بني البشر ، فجريمة القتل تحت تأثير الإستفزاز يمكن فهم دوافعها ...أما قتل أحد الأبوين فيصعب إيجاد مبرر لها ...كما أن اغتصاب شاب لفتاة حاولت إغرائه بحركات فاحشة و لباس فاضح أمر كثير الوقوع و إن لم تكن الفتاة تتوقع النتيجة...أما اغتصاب الشاب لأحد محارمه....فهو فعل تفوق شناعته وصف الجريمة ........و كذالك الإجهاض !!!
و الإجهاض هو التخلص من الجنين قبل انتهاء فترة الحمل عمدا...و يشترط القانون لتحقق الإجهاض أن تكون المرأة حاملا أو يحتمل حملها على الأقل.....فرنسا و منذ سنة ألف و تسع مئة و تسعة و سبعين لم تعد تعتبر إنهاء الحمل قبل الأسبوع العاشر إجهاضا...على أن تتم العملية بواسطة طبيب و في المستشفى ..........و قد لاحظت رغبة دولية في إخراج الإجهاض من نطاق الجرائم المعاقب عليها...يكون الإجهاض من الأم الحامل أو من غيرها.......غير أني فضلت تناول الحالة الأولى...و قد شد انتباهي تخفيف القانون للعقوبة في جريمة قتل الطفل المولود حديثا...إذا كانت القاتلة أمه !...و يبرر القانون ذالك بالحالة النفسية التي تكون عليها الأم بعد الولادة........كما أن القانون يقرر عقوبة رمزية ( في اعتقادي ) إذا كانت الأم هي من أجهضت نفسها........و شخصيا لا أتفق مع هذا الطرح
فهل كل النساء اللواتي عانين من آلام المخاض ارتكبن جريمة القتل ؟؟؟؟......لا أعتقد ذالك و إلا لما كنا أنا و أنت عزيزي القارئ في عداد الأحياء !....ثم إن المرأة التي تجهض نفسها ( خاصة إذا كان حملها في مراحله الأخيرة ) ...هي أشبه بجندي يتدرج في رتب الجيش...أما هي فتتدرج في مراتب الإجرام....لأنها بعد قتل جنينها ستتجاوز حتما مرحلة الصراع النفسي الداخلي الذي يعاني منه عادة المجرم المبتدئ ( هل أنا قادر على فعل ذالك؟؟؟ )...و هنا قد تقوم بجرائم أخرى.....كما أن كونها ( الأم ) لا يبيح لها قتل جنينها.... فهي من يجب أن يحميه........أما عن حالات الإجهاض لأسباب طبية فالأمر مختلف...لأن حالة الضرورة معتبرة قانونا......
و أخيرا أقول أنه ينبغي على القانون أن يمارس دوره في حماية الإنسان.....في كل مراحل عمره...فيعاقب على الإجهاض بصرامة حماية للجنين...ثم على القتل...و المساعدة على الإنتحار.......بل من التشريعات من يعاقب المنتحر الذي ينجو من الموت......و للإنتحار قصة...سأسعد بروايتها لك عزيزي القارئ يوما ما.............

جريمة الإغتصاب....عودة الشيطان تي جين !!!

بداية أهدي هذه التدوينة إلى أختي الفاضلة ( مغربية)...و التي اقترحت علي تقديم هذا الموضوع....كما أهديه لكل الفتيات اللواتي عانين من تجربة الإغتصاب المريرة.....
إن من بين الأساطير الأكثر شيوعا بين سكان هايتي....أسطورة تي جين بيد سك....و هو إسم لروح شريرة مهمتها دفع الرجال لاغتصاب النساء ، و يصورونه على شكل وحش بساق واحدة...كما أنه يتغذى على اللحوم النيئة!
و الإغتصاب هو قيام المجرم بإدخال جسم غريب في العضو الجنسي للضحية....على أن يتم ذالك إرضاءا لرغبة جنسية ، هذا إذا استندنا إلى القانون الفرنسي الذي عالج جريمة الإغتصاب بغرابة !....فهو يقر باحتمال وقوع الإغتصاب من الذكر و الأنثى ، كما يقر بإمكانية وقوع الذكر و الأنثى كضحايا لهذه الجريمة....و أغرب ما في القانون الفرنسي هو انفراده بصورة أقل ما يمكن أن يقال عنها...أنها دعوة لنشر الرذيلة...حيث يعاقب الزوج الذي يعاشر زوجته بغير رضاها على أساس أنه اغتصبها ....و كأنه يقول للزوج : إذهب لتشبع رغباتك الجنسية خارج البيت إذا لم ترد زوجتك معاشرتك !!! ، و يشبه القانون الإيطالي نظيره الفرنسي من حيث المبدأ...بيد أن القانون الإنجليزي سار في اتجاه معاكس ... فجريمة الإغتصاب فيه لا تكون إلا من رجل على امرأة.........و في فلكه سارت معظم القوانين العربية.....
يشترط القانون أن يستعمل المجرم في هذه الجريمة العنف أو التهديد أو المباغتة أوالمواد المنومة...بهدف اغتصاب الضحية ، و للتأكد من أن الفتاة اغتصبت فعلا و لم تمارس الجنس طواعية....و قديما كان القانون يشترط على الضحية أن تثبت مقاومتها للمجرم...و يظهر ذالك على شكل خدوش بوجهه أو صدره....و قد تتسائل عزيزي القارئ : هل تمزيق غشاء البكارة كاف لإثبات وقوع الإغتصاب؟؟؟
...من البديهي أن تمزيق غشاء البكارة بالنسبة للفتاة البكر دليل على اغتصابها....غير أنه لا يمكن اشتراط ذالك في كل عمليات الإغتصاب ....لأن غشاء البكارة أنواع ، و من بين أنواعه...غشاء يسمى المجامل...و هو لا يتمزق من الممارسة الجنسية الأولى!!!
أما بالنسبة للمرأة الثيب فالخبرة الطبية تلعب دورا أساسيا في كشف الحقيقة...........
تي جين هو مجرد أسطورة.....و لكن الشيطان حقيقة ...فإذا افترضنا جدلا أن تي جين هو اسم الشيطان الذي يدعوا المجرمين لارتكاب الإغتصاب....فما الذي يجب علينا فعله لإيقاف أتباع تي جين عن جرائمهم؟؟؟

صفات الشاهد.......................و صفات الخاطب !!!

تتنوع المصادر التي قد يلجأ إليها قاضي التحقيق لكشف أسرار الجريمة....ومن بين هذه المصادر...شهادة الشهود ، و ما يميزها هو صعوبة الحصول على شهادة مقنعة و صادقة....عكس المصادر الأخرى كالخبرة مثلا...و التي تستمد مصداقيتها من الطرق العلمية المستعملة للحصول عليها........أما في الشهادة...فالمحقق يتعامل مع شخص قد يكون هو المجرم الحقيقي !....كما قد يكون بريئا و لا يعرف عن الجريمة شيئا....فيضيع جهد المحقق دون التوصل إلى شيء مفيد..........
و يجب على قاضي التحقيق التأكد من بعض الصفات التي ينبغي توفرها في الشاهد قبل سماعه ، و أهمها قدراته الذهنية......فالشيخ المسن الذي لا يتذكر أسماء أبنائه !!! لا يصلح أن يكون شاهدا....كما يجب أن يتأكد المحقق من سلامة الحاسة التي بنى عليها الشاهد شهادته...فضعيف البصر لا يمكن الوثوق بشهادته في جريمة قتل...يزعم أنه شاهد تفاصيلها...مع أنها وقعت ليلا و في حي مجاور للحي الذي يسكن فيه ، أما إذا استدعى المحقق الشاهد للشهادة فقط....مستبعدا أن يكون هو المجرم ، فعليه أن يتأكد من علاقاته ...بحيث لا يكون له أية صلة بالمجرم مهما كان نوعها.........لأن وجود علاقة بينهما قد تدفع الشاهد إما للكذب....أو لتعديل الشهادة بشكل يخدم مصلحة المجرم ...و قد تتسائل عزيزي القارئ : ماذا عن جهاز كشف الكذب؟؟؟؟
.......إن هذا الجهاز أضعف من أن يكتشف تزييف الحقائق....فخبرة بعض المجرمين ...الذين اكتسبوها من عالم الإجرام تجعلهم يتفادون التوتر عند طرح أي سؤال يخص الجريمة ............
يفترض في المحقق الذكاء....و عليه فإن رواية الشاهد هي عبارة عن مادة خام ، يجب معالجتها بحكمة متناهية...فأي تناقض للشهادة مع ما توصلت إليه الأدلة الأخرى....يفقد الشهادة قيمتها ، و لهذا السبب يقوم قاضي التحقيق أحيانا بتنظيم مواجهة بين الشاهدين إذا اختلفت روايتهما ....فيسمعهما و هما يتجادلان !....فيستنتج الرواية الأصح............
إن البحث في صفات الشاهد و علاقاته الإجتماعية قبل سماع شهادته....يشبه إلى حد بعيد..........البحث الذي تقوم به عائلة الفتاة المخطوبة...في صفات الخاطب للتأكد من ملائمته لابنتهم....غير أن النهاية مختلفة تماما ، ففي الخطبة يتوج البحث بالزواج...أما نهاية التحقيق فتعني المحاكمة........و شتان بين الأمرين !!!