تحرير ثيران إسبانيا...و معاناة الأضاحي العربية !!!

بداية أتقدم إلى جميع قراء مدونتي الأعزاء و إلى جميع أمتنا الإسلامية بأحر التهاني بمناسبة عيد الأضحى المبارك راجيا من المولى عز و جل أن يعيده علينا بالخير و اليمن و البركات...
أتذكر جيدا كيف كان قلبي يعتصر ألما لمشاهدة مباريات مصارعة الثيران la corrida de toros ...كنت صبيا صغيرا و كنت أتمنى إنقاذ ذلك الثور المسكين من يد الماتادور ( مصارع الثيران ) الذي يسرف في تعذيبه قبل أن يجهز عليه...كما كنت أتمنى أن ينال الثور الجريح من الماتادور...بالنسبة للإسبان كانت مشاهدة تعذيب هذا الحيوان المسكين متعة !
في برشلونة الإسبانية منعت مصارعة الثيران إبتداءا من شهر يناير من سنة 2012...جاء هذا بعد قرار البرلمان الكاتالوني بمنع هذه الرياضة...التي أعتبرها جريمة...اليوم ظهرت في بلداننا الإسلامية ظاهرة مشابهة لا تمت إلى الإسلام بصلة و هي المصارعة بين الأضاحي من الكباش...حيث تستخدم هذه الحيوانات البريئة في الفترة التي تسبق عيد الأضحى كنوع من القمار بين مربيها لجني الملايين...
هل تحريض الكباش على نطح بعضها يعد جريمة ؟؟؟
نعم يا عزيزي !...باعتبار أن هذا التصادم بينها يعتبر نوعا من التعذيب بالنسبة للحيوان من جهة ، كما يصيبه بجروح من جهة أخرى قد تصل إلى حد قطع قرونه...و مع هذا فلا يتعدى وصف هذه الجريمة المخالفة !...و لكنها جريمة على كل حال...و يعاقب عليها القانون...و كتدبير أقره القانون لمصلحة الحيوان إذا لم يعرف مالكه...فإنه يودع في مؤسسة عمومية لها حق التصرف فيه .
و تقوم جريمة الإساءة إلى الحيوانات و التي تعد مصارعة الكباش أحدث صورها على الأركان العادية لأية جريمة...فركنها الشرعي يكمن في المادة القانونية التي تعاقب على هذا الفعل في قانون العقوبات ، أما الركن المادي للجريمة فيتمثل في السلوك الذي قام به المجرم       و الذي نتج عنه إيذاء أو تعذيب أو إساءة لهذا الحيوان...و في مصارعة الكباش يقوم الركن المادي للجريمة عند تحريض الكبش أو الأضحية على القيام بإيذاء كبش آخر و ذلك بدفعه بواسطة يدي صاحبه أو بأي وسيلة أخرى...و إثارته بشتى الطرق لمهاجمة الكبش الآخر ، كما لابد من توفر الركن المعنوي لقيام الجريمة و هو في جريمة مصارعة الكباش علم المجرم بأن ما يقوم به من تنظيم لهذه المصارعة و تحريض لهذا الكبش فعل معاقب عليه قانونا و ذلك بسبب إيذائه لهذا الحيوان و تعذيبه...و لا يكفي العلم فقط بل لابد أن تتجه إرادة المجرم لتحريض الكبش مع علمه بعواقب هذا التحريض و منع القانون له .
لقد أصبح الماتادور شخصا ممقوتا في برشلونة بعد أن كان يتبوأ منزلة مرموقة في هذا الإقليم...و بعد أن ألقى الماتادور الإسباني قطعة قماشه الملونة التقطها بعض السفهاء و صاروا يعذبون الأضاحي التي ما شرع اقتناؤها قبيل عيد الأضحى إلا للقيام بسنة النحر مع وصية النبي صلى الله عليه و سلم لأمته بإحسان الذبح بحيث لا تعذب الأضحية و هي تنحر...
و أخيرا أقول أن على المشرع العقابي إعادة النظر في وصف الجريمة و رفع مستواها من مخالفة إلى جنحة بعقوبة مشددة لأن هذا كفيل بوأد هذه الظاهرة السيئة قبل استفحالها كما أنه يشكل ردعا عاما لكل من تسول له نفسه القيام بهذا الفعل الشنيع....دمتم بخير   

لحظة النطق بالحكم...اللحظة المكثفة !!!

الدراما...بقدر ما يستمتع المشاهد بتتبع اللقطة تلو الأخرى من العمل الدرامي بقدر ما تستوقفه مشاهد أراد لها المخرج أن تكون مؤثرة ...إنها اللحظة المكثفة ، و مثال ذلك لحظة الوداع بين عاشقين فرقتهما ظروف لم يقدرا على تجاوزها...فيقفان متقابلين و تعبث نسمات الخريف بشعرها و ربطة عنقه...تتساقط بعدها أوراق الخريف الصفراء بشدة...تمتلأ مقلتي الفتاة بالدموع...و لكنها تحاول أن تتماسك ، أما الشاب فيتنهد رافعا رأسه للسماء...تبدأ الخطوات حيث يدير كل منهما ظهره للآخر...ثم يلتفت الشاب لفتاته...ثم يعود للسير...ثم تلتفت هي...ثم يسيران معا و بعد بضع خطوات يلتفت كل منهما للآخر...إنها لوعة الفراق!!! و مع استخدام الموسيقى التصويرية الحزينة بآلات رقيقة كآلة الكمان يعيش المشاهد ثوان كأنها ساعات تشده إليها المؤثرات البصرية و الصوتية...إنها الدراما...
ما أريد الحديث عنه في هذه التدوينة هو اللحظة التي يصدر فيها القاضي الجزائي حكمه و ذلك من مختلف الزوايا...أي من وجهة نظر مختلف أطراف القضية...قاضي الحكم ، قاضي النيابة ، المحامي ، و أخيرا المتهم ...بطل المحاكمة ، و قد نال هذه البطولة ليس بسبب اقترافه للجريمة بالطبع! بل لأن تشكيل هذا الملف و تشكيل هذه المحكمة جاء للنظر في وقائع اشتبه في ارتكابه لها...
الكثير يتسائلون عن سر خفض القضاة لصوتهم داخل قاعة المحاكمة ! و السبب هو أن القاضي لما يقوم بخفض صوته فهو يزيد من وقاره من جهة ، كما أن الصوت المنخفض يدفع المحامين و الحضور بالقاعة لإلتزام الهدوء لأن الكل يرغب في سماع القاضي ، بيد أنه و لحظة النطق بالحكم لابد له أن يكون حازما و يظهر من خلال صوته الثقة و الإقتناع الذي توصل إليه .
أما قاضي النيابة و بعد أن اقترح العقوبة التي يراها مناسبة...و بحكم عمله الدائم مع قضاة الحكم فهو يتوقع مضمون الحكم ، و لهذا يتلقى هذا الحكم بهدوء لأن لديه الوقت الكافي لاستئنافه إذا لم ينل إعجابه...أما المحامي فيظهر الإنفعال كنوع من التمثيل ، فيغير تقاسيم وجهه لتبدو عليه المفاجأة إذا كان الحكم صادما للمتهم ، أما إذا نطق القاضي بالبراءة فإن المحامي يظهر الرضا و يكون آخر من يغادر قاعة المحاكمة لأنه سيحاول الظهور كبطل...و لعل البراءة التي تحصل عليها موكله تدفع بعض الحاضرين لتوكيله في قضايا لبعض أقربائهم !!!
و ما يقال عن محامي المتهم يصلح أن يقال عن محامي الضحية فهما سيان ، أما المتهم بطل الفيلم...فتختلف ردة فعله حسب عدة عوامل...أولها كونه قد اعتاد الإجرام من عدمه ، فمن تعود على الإجرام و كان مسبوقا...أي حكم عليه مرارا و سجن أعواما فيتلقى الحكم الجديد بأعصاب باردة لأنه قد اعتاد حياة السجون ، أما المجرمون المبتدئون فيظهر عليهم الإنفعال بل و حتى البكاء أحيانا...أما العامل الثاني فهو شخصية المتهم ، فقد يكون عاطفيا سريع التأثر و البكاء ، و قد يكون متماسكا لا تحركه أقوى الأحكام مع شدتها... وهناك المتهم المتغطرس الذي يسخر من القاضي عند نطقه بالحكم ، و ذلك عن طريق ابتسامة خبيثة أو التحية المبالغ فيها لشخص القاضي ، و من المتهمين من يحاول الإخلال بالنظام داخل جلسة المحاكمة بمجرد النطق بالحكم و ذلك بإثارة الفوضى بين الحضور خاصة عائلته إن وجدت داخل القاعة...و مع هذا تصلح لحظة النطق بالحكم لأن تكون لحظة مكثفة في مشهد درامي بديع على أنها قد تكون مفرحة للمتهم أحيانا و مأساوية في حقه أحيانا أخرى...مع تحياتي

جريمة اختطاف الطائرات...ذكرياتي مع المسدسات البلاستيكية !



...من قال إن ألعاب الأطفال البلاستيكية تصلح فقط لإرضاء رغبة تلك الأرواح البريئة في اللعب...قد تستخدم تلك الألعاب و خاصة المسدسات البلاستيكية لإثارة الرعب في نفوس من يراها سيما إذا كان المكان الذي استخدمت فيه و التوقيت الذي اختاره المجرم لاستعمالها يبعث على الخوف...
في 16 جانفي من سنة 1969 قام أمريكي باختطاف طائرة تقل 148 راكبا ثم قام بتحويلها إلى كوبا ، و قد استخدم في عملية الإختطاف مسدسا بلاستيكيا...هنا تدرك عزيزي القارئ أن ما ذكرته في أول التدوينة عن المسدسات البلاستيكية لم يكن مجرد مزحة !!!
تاريخيا عرف العالم أول حادثة لاختطاف الطائرات سنة 1930 أين اختطفت طائرة مدنية في البيرو ، غير أن الشيء الغريب الذي شدني في هذه الجريمة هو أنها جريمة هجينة إلى أبعد الحدود فهي جريمة دولية بثياب وطنية...لأن مصدر أركانها كلها هو القانون الدولي كما سنرى بينما عقوبتها تختلف بحسب التشريعات العقابية الداخلية لكل دولة !
أما ركنها الشرعي فيتمثل في ثلاث اتفاقيات دولية هي إتفاقية طوكيو الموقعة بتاريخ 14 سبتمبر 1963 و اتفاقية لاهاي الموقعة في 16 ديسمبر 1970 و كذا اتفاقية مونتريال الموقعة في 23 سبتمبر 1971 ، فمصدر تجريم فعل اختطاف الطائرات هو هذه الإتفاقيات الثلاثة .
أما الركن المادي لجريمة اختطاف الطائرات فيتمثل في أربعة شروط ينبغي توفرها و إلا انعدم الركن المادي و معه الجريمة ككل ، فأول شرط هو أن يكون الفعل الذي قام به الخاطف غير قانوني و معناه أن الأمر الصادر بتحويل الطائرة لم يكن من شخص له صفة إصدار هذا الأمر...فلو قامت الشركة المالكة للطائرة بإصدار أمر لقائد الطائرة بالنزول في مطار معين لكان الفعل قانونيا لأنه صدر من سلطة لها صلاحية إصدار هذا الأمر ، أما الشرط الثاني فهو استخدام القوة في عملية الإختطاف أو التهديد باستخدامها...فلو قام الخاطف بتهديد قائد الطائرة بالتخلص من جدته العجوز في القرية إذا لم يقم بتحويل الطائرة لم يعتبر ذلك تهديدا!!! لأن الخاطف هنا لم يستخدم القوة بتاتا و لم يقم بتهديد قائد الطائرة باستخدام القوة...
أما الشرط الثالث فهو أن يقع الإختطاف على متن الطائرة ، و معنى ذلك أن يكون الخاطف من المسافرين على متن الطائرة و لا يمكن أن يعتبر الإختطاف اختطافا إذا أرسل الخاطف تهديداته و هو خارج الطائرة عن طريق جهاز للإرسال مثلا ! أما الشرط الرابع و الأخير لتحقق الركن المادي للجريمة فهو أن يقع الإختطاف أثناء فترة طيران الطائرة و هي الفترة التي تمتد من إغلاق أبوابها الخارجية استعدادا للإقلاع إلى حين إفراغ حمولتها و نزول الركاب فكل عملية اختطاف قبل أو بعد هذه الفترة لا تعتبر اختطافا للطائرة .
أما الركن المعنوي للجريمة فيتحقق بعلم الخاطف بأنه يتدخل في العمل الطبيعي للطائرة ، و مع ذلك فقد أراد فعلا اختطافها كما يشترط فيه أن يكون جادا في اختطافه لها .
هذا و نشير أنه إذا كانت الجريمة دولية فيجب توفر الركن الدولي فيها أيضا...و كثيرا ما تكون جريمة اختطاف الطائرات دولية ، و يتحقق الركن الدولي في هذه الحالة إذا تم اختطاف الطائرة عن سابق تدبير و تخطيط من دولة أو مجموعة من الدول بإجبارها على الهبوط في مطار معين أو تحويل مسارها و أفضل مثال على ذلك إجبار طائرة سورية مؤخرا على الهبوط من قبل تركيا قصد تفتيشها...
عند دراستي للأساليب المستخدمة للقيام بهذه الجريمة وجدت الكثير من عمليات اختطاف الطائرات تمت بواسطة مسدسات بلاستيكية و لا أخفي عنك عزيزي القارئ أني تذكرت اللعب القديمة التي أمضيت شطرا من طفولتي و أنا أستمتع باللعب بها ثم تحطيمها... و من هذه اللعب مسدس بلاستيكي أسود اللون أتذكر أني قمت بتحطيمه عمدا لكي أتمكن من طلب شراء مسدس جديد من والدي...

أرجو أن تكون هذه التدوينة قد نالت إعجابك عزيزي القارئ...أرجو أن لا تبخل علي بملاحظاتك و انتقاداتك....