العلاقة بين القانون و الجنس..صراع بين أفروديت و تيميس! ( الجزء الرابع )

كان لأفروديت ثلاث بنات أنجبتهن من ( ديونيسوس ) و هن (أجليا) و (تاليي) و (أفروسين)...و إن كان إيفيستوس يعلم بأمرهن إلا أنه اشترط على أفروديت أن لا يقمن معها في القصر...و على الرغم من أن البنات الثلاثة لم يتربين في كنف أفروديت إلا أن الوراثة كانت واضحة جدا في سلوكاتهن ! فمنذ صغرهن كن يملن للبقاء عاريات الجسد...و هذا ما يفسر كل اللوحات التي رسمت لهن...و مع بلوغهن مرحلة الشباب رفضن الزواج...و أصبحن سحاقيات ...و هنا لاحظت تيميس أن عليها أن تضع قاعدة أخرى لممارسة الجنس و هي منع المثلية الجنسية كخطوة أولى لمنع كل فعل جنسي شاذ...
و السحاق ناتج عن ما يصطلح على تسميته في علم النفس...الإرتكاس...و قد تكون غريزة الجنس في السحاقية مطلقة أي أنها لا تميل إلا إلى أنثى مثلها و تنفر من الرجال...كما قد تكون غريزة الجنس في السحاقية مختلطة أي أنها تمارس الجنس مع الرجال و النساء دون تفضيل جنس عن الآخر...كما قد تكون المساحقة عند الأنثى مجرد صدفة أو حدث عابر...و هذا قد يكون مقدمة لكي تصبح سحاقية محترفة...و قد تكون هذه الصدفة عند دخول هذه الفتاة السجن مثلا...لأن ما دفعها لذلك هو غياب الجنس الآخر لممارسة علاقة جنسية طبيعية !
نفسيا تلجأ الفتيات للسحاق لمحاكاة صفات أنثوية يفضلنها...و الفعل الجنسي المفضل بالنسبة للسحاقية هو الملامسة و النظر...فنظرها إلى تفاصيل الجسم الأنثوي و الملامسة المستمرة لأجزائه يشكل لديها قمة النشوة...عكس الرجل الذي يبحث عن علاقة جنسية كاملة...فهي تكتفي بما يسميه علماء النفس بالأهداف الجنسية التمهيدية !!! 
فالأنثى عندما تلجأ لفعل شاذ جنسيا فإن الشريك المفضل لديها هي أنثى مثلها!...هذا يفسر الكثير...
مثلا : هل سمعت عزيزي القارئ أن امرأة تحرشت جنسيا بطفل ؟؟؟
غالبا ما يكون التحرش الجنسي بالأطفال من قبل الذكور...و السبب هو أن الرجل الشاذ يجد شبها كبيرا بين الطفل و المرأة ( نعومة جسده...سذاجته...إبتسامته البريئة ) ، هذه الصفات تجدها السحاقية في شريكتها دون حاجة للإستعانة بطفل قد يكشف سرها في أية لحظة ! 
لم تكن أفروديت سعيدة بخبر شذوذ بناتها...فهذا سيجعلها مسبة بين الآلهة الأخرى...و محل شتيمة و تهكم من منافستها و عدوتها اللدودة سيلفيا...غير أن حديثها مع بناتها السحاقيات سيكون أشبه بحديث العاهرة عن الشرف و العفة !!! لهذا السبب تجنبته ، و قررت طلب المساعدة من تيميس طواعية هذه المرة...فرحت تيميس كثيرا من الموقف الذي اتخذته أفروديت حيال بناتها و اعتبرته انتصارا للفضيلة  فقد كانت تحتاج لمثل هذا الدعم المعنوي للتدخل...و أمام عزوف الفتيات السحاقيات عن الزواج لم تجد تيميس من حيلة سوى اللجوء لتهديدهن بتحريض الآلهة ( جانيمادا ) إلهة الشباب  و الفتوة...و التي بوسعها و في لحظة واحدة أن تجعلهن مسنات !!!
لقد توقفت الفتيات الثلاثة عن المساحقة...ليس حبا للفضيلة بل خوفا على أنوثتهن و شبابهن من بطش الإلهة جانيمادا !....دمتم بخير  

العلاقة بين القانون و الجنس..صراع بين أفروديت و تيميس! ( الجزء الثالث )

لبثت أفروديت في قصرها أياما...و لكنها مع ما كانت تتمتع به من المتعة و الرفاهية اشتاقت لحياة المجون التي ألفتها ، و بدهاء لا تدركه إلا النسوة استدعت عشيقها السابق ( إيريس ) إله الحرب...و صار الإثنان يمارسان طقوس الجنس في غياب زوجها إيفيستوس...كل يوم بإحدى قاعات القصر...إلا أن رآهما الإله ( فيبوس)...
كان إيريس رجلا طاغيا و متجبرا...و لم يجرأ فيبوس على الوشاية به لا لإيفيستوس الزوج و لا لزيوس الأب...فلجأ للحكيمة تيميس...
أدركت تيميس أن عليها تنبيه أفروديت للقاعدة الثانية ، و التي عليها إحترامها عند ممارستها للجنس...متعتها الوحيدة...و قد وجدت هذه القاعدة لحماية خلق الوفاء بين الزوجين مما يعزز أواصر المحبة بينهما ، كما أن من شأنها حفظ الأنساب بحيث يعرف نسب المولود و يعرف أبوه على الحقيقة دون التباس ، و الذي قد يكون نتيجة العلاقات الجنسية المتعددة للزوجة...و القاعدة هي منع الزنا ...
و تختلف الشعوب في نظرتها لهذه العلاقة باختلاف القيم الإجتماعية و الدينية لكل شعب...فهناك شعوب تشجع العلاقات الجنسية المتعددة حتى بعد الزواج...بل و هناك من يستمتع برؤية زوجته و هي تمارس الجس مع رجل آخر...و هناك من ينظم في بيته حفلة جنسية يمارس فيها الجنس بحرية بين كل من يحضر الحفلة و تكون من بين الحاضرات زوجته طبعا!...
لم تكن تيميس لتسمح بحدوث مثل هذا على مسمع منها...فقررت التدخل دون إعلام إيفيستوس الزوج الذي كان يثق في أفروديت ثقة عمياء...كما أن إيريس رجل حرب لا يعرف للحوار معنى !!! فكل ما يمكنك أن تراه منه يوحي بالعنف...بداية من شكله !
كانت أفروديت مفعمة بالأنوثة...كيف لا و هي التي خلقت من زبد البحر...و كان على تيميس أن تجد آلهة فاتنة لتنافس أفروديت على قلب إيريس...فتذكرت  الآلهة ( سيلفيا ) و التي لم تتوان لحظة واحدة على قبول عرض تيميس مقابل ما ستوفره لها هذه الأخيرة من نفوذ...على أن يقتصر دور سيلفيا على الإغراء فقط دون أن تتطور هذه العلاقة لشيء آخر...كانت خطة تيميس تقضي بأن تبعد أفروديت عن إيريس بأي ثمن...ليس فقط من أجل خيانتها لزوجها بل لأن إيريس هو أخ أفروديت الشقيق ، و هي القاعدة الثالثة التي على أفروديت ان تتعلمها...فعليها أن تمتنع عن ممارسة الجنس مع قريبها...
ترصدت سيلفيا إيريس و ارتدت من الثياب ما من شأنه إغرائه بها...و بدت في أبهى صورة...لم يتطلب الأمر سوى لحظات و حركات  بسيطة منها...حتى وقع إيريس...الذي خبر الحروب و خرج منها منتصرا في غرامها...لم يستطع مقاومة إغرائها الصامت و انهزم أمام سحرها...و كانت النتيجة أنه قضى النهار بطوله في مخدعها...و أمام رغبته الجامحة لم تستطع سيلفيا هي الأخرى مقاومة رغبتها...فوقعت في المحظور و مارست الجنس معه مع أن مهمتها كانت إغراءه على فترات متقطعة و لأيام لكي تدرك أفروديت أن عليها الإكتفاء بممارسة العلاقة الجنسية مع زوجها و أن تنسى إيريس ثم تتدخل تيميس بعدها لتشرح لها الحكمة من ذلك...لأن القانون يمنع الخيانة الزوجية و ممارسة الجنس مع المحارم.....فما مصير الإتفاق الذي وقع بين تيميس و سيلفيا ؟؟؟   

العلاقة بين القانون و الجنس..صراع بين أفروديت و تيميس! ( الجزء الثاني )

...لقد اتفقنا أن القانون لا يمنع الجنس...غير أن أفروديت أطلقت العنان لغرامياتها فكان لزاما على تيميس أن تنبهها إلى أن الجنس و إن كان متعة مشروعة إلا أنه مقيد بمجموعة من الضوابط ، كانت تيميس أذكى من أن تثير غضب زيوس على ابنته أفروديت ! لأن جرأة أفروديت قد تجعلها ترفض نصيحة تيميس بوقاحة...كما أن نصيحة والدها لها قد تجعلها تذكره بخطيئته بالزواج من عمتها !!! ثم إن تيميس حكيمة و تعرف أنها مجرد زوجة من زوجات زيوس السبعة...و إذا كثرت الزوجات صارت كل منهن دبلوماسية مع زوجها تحاول أن تكون المصدر الوحيد لراحته و ليس إزعاجه ! فاختارت تيميس أن تمسك العصا من الوسط...إرضاء ضميرها الذي يحتم عليها نشر الفضيلة من جهة و محاولة تنظيم حياة أفروديت التي لا تعرف في سبيل حصولها على المتعة الجنسية الحدود...فاهتدت إلى أن الحيلة هي أفضل طريقة لإقناع أفروديت بما تريد مع تجنب الإصطدام بحوارات معها...
أول قيمة أرادت تيميس أن تغرسها في أفروديت هي أن الجنس وجد ليمارس سرا...و هنا قررت الإستعانة بزوج أفروديت               ( إيفيستوس )...و قد عرف هذا الإله بتعقله كما أنه متفرغ تماما للعمل...و هذا النوع من الرجال و إن كان مثيرا لإعجاب الفتيات و لكنه ليس المفضل لديهن بعد الزواج...لجديته المفرطة و تخصيصه جل وقته للعمل...و الأكيد أن هذا سيء بالنسبة لهن !
كان إيفيستوس رصينا و أعجب بفكرة تيميس و التي كانت أن يرافق أفروديت لجبال بعيدة جدا لممارسة العلاقة الجنسية...و لما سألته أفروديت عن سر ذلك ؟ أخبرها بأنه يفضل الإختلاء بها بدل الممارسة العلنية و أرجع ذلك لفرط غيرته عليها...فاقتنعت ، و بعد زمن اقترحت عليه أن يبني لها قصرا فخما يليق بآلهة فاتنة مثلها...حيث يتمكنان من الإختلاء بحرية بدل التنقل المتعب لأماكن بعيدة...و رغم أن إيفيستوس قضى وقتا طويلا في بنائه إلا أن الفكرة أعجبته و شكر تيميس عليها ، كما اكتشف أنه فعلا غيور على زوجته أفروديت...و لا يريد أن يطلع أحد على علاقته الحميمة معها...و هنا كان الضابط الأول الذي يفرضه القانون على الممارسة الجنسية و هو أن تتم في غير علانية...دون مرأى أو مسمع من الغير لما في ذلك من مراعاة لاعتبارات أخلاقية و اجتماعية ، فالجنس و السرية بمثابة حبتي الكرز المتلاصقتين فلا تكتمل الصورة إلا بهما معا !
و متى تم الجنس علنا زالت الحواجز الأخلاقية و فتح الباب للرذيلة...و هنا تسقط أوراق الحياء بالنسبة لمن يمارسه...كما يحدث الإغراء و الإغواء بالنسبة لمن يراه أو يسمع أصواتا تدل عليه ....
هل تغيرت أفروديت فعلا و أصبحت فاضلة ؟؟؟...لقد كان اقتراحها ببناء القصر لسبب واحد هو التعب من طول المسافة التي كانت تقطعها و ليس حبا للفضيلة...و لكن هذا كان انتصارا لتيميس على كل حال ، فقد كانت النتيجة أفضل بكثير مما كانت تتوقع...كما أن نجاح حيلة تيميس الأولى دفعها للتفكير بحيل أخرى لغرس قيم أخرى لتهذيب سلوكات أفروديت ...لقد تفرغت تيميس لها !  

العلاقة بين القانون و الجنس..صراع بين أفروديت و تيميس!( الجزء الأول )

...بداية لنتعرف على أبطال القصة...أفروديت إلهة الجمال و الجنس عند اليونان و هي إبنة الإله زيوس و الإلهة هيرا ، أما تيميس فهي إلهة العدالة و هي زوجة زيوس و إبنة أورانوس و تيتييا...لم يرد في الأساطير اليونانية أو الرومانية شيء عن صراع كان دائرا بين أفروديت و تيميس....و إن كانت الأولى أكثر شهرة من الثانية...و هنا أتسائل : ما الذي يجعل العالم أكثر إهتماما بأسطورة أفروديت ؟ في حين لا تذكر تيميس إلا نادرا ؟ لماذا كانت أفروديت دائما ملهمة للإنسان المحررة لخياله في حين لا تعرف تيميس إلا عند باحثي التاريخ القديم و الفلاسفة ؟ 
و الآن....لننقل هذا التسائل من البعد الخرافي الأسطوري إلى البعد الأكاديمي الجاد !...لماذا يميل الإنسان لممارسة الجنس بكل حرية و يرفض الضوابط التي يقررها القانون في ذلك ؟ هل هناك صراع بين الجنس و القانون ؟ 
...لو كانت أفروديت شخصية حقيقية تعيش في عصرنا لأيدت حتما فكرة ممارسة الجنس بكل حرية و بدون قيد أو شرط...ربما لأنها وليدة علاقة جنسية شاذة...فأبوها زيوس تزوج من أخته هيرا...!!! و التي هي أم أفروديت و عمتها !!!
لقد وجد القانون ليضع ضوابط للإنسان لكي يعيش في المجتمع دون أن يؤذي غيره...و دون أن يصيبه مكروه من الآخرين ، فبقدر ما يوفر القانون للفرد من الحماية فهو يقيده لكي لا يتمكن من إيذاء الآخرين...و هنا يضطر لمعاقبته ، و من ثم فلا يمكن للإنسان أن يعيش بدون قانون...فهو ليس ملاكا تلهمه الفضيلة الإستقامة فلا يحتاج لقانون لتأكيدها...كما أنه ليس شيطانا وجد لارتكاب الرذائل و بالتالي فلا فائدة ترجى من نصحه أو ردعه بالقاعدة القانونية لأن ذلك سيكون أشبه بسقي قطعة من الصحراء بكوب من الماء...فلا أنت حفظت الماء لنفسك و لا أنت ترجو أن تنبت الرمال وردا ! 
أما الجنس فهو غريزة في الإنسان تضمن له البقاء و توفر له اللذة...إلا ان الإنسان و لأنه جبل على حب الملذات فإن إشتياقه للذة سابق عن حبه للبقاء و لهذا فهو يفكر دوما في الطعام الشهي قبل تفكيره في قيمته الغذائية ! و من هنا فتحقيق اللذة الجنسية بالنسبة إليه تجسيد لحريته ، و قد تدفعه الشبقية المفرطة لإيذاء معشوقه ! كما قد تدفعه لإيذاء غيره...فقد يمارس الجنس علنا إستجابة لرغبة جنسية جامحة ، كما قد تدفعه ذات الرغبة لممارسة الجنس بشذوذ...أو القتل في سبيل لذة جنسية عابرة .
أردت في الجزء الأول من هذه التدوينة طرح هذه التساؤلات كمقدمة لتفسير العلاقة المعقدة بين الجنس و القانون ...أرجو أن لا يكون الموضوع مملا بالنسبة إليك عزيزي القارئ ...............دمتم بألف خير