المحضر القضائي.....ملابس رياضية بدل البدلات !!!

بداية أتقدم بجزيل الشكر إلى كل من شجعوني على مواصل التدوين...ها قد عدت بعد أن أدركت أن رسالة مدونتي كبيرة...أكبر من أن أستطيع حصرها في تدوينة ! 
بداية تعتبر النشاطات التي يقوم بها المحضر القضائي قديمة جدا إلا أن ظهوره كشخصية مستقلة على الساحة القضائية كان خلال القرن الثاني عشر و بالضبط في عهد الملك الفرنسي فيليب أوقست الثاني الذي حكم فرنسا خلال الفترة الممتدة بين (1180-1223م) ...و عين البيليف ( و هو الإسم القديم للمحضر القضائي ) لتمثيل سلطة الملك فقد كان يساعد على جباية الضرائب كما ينفذ قرارات و أحكام القضاة...و يراقب الأعمال الإدارية لمختلف الهيئات...أما من حيث لباسه فقد كان يرتدي في بداية الأمر ثوبا أسود من الصوف  ثم أصبح الثوب مخططا و ملونا...و مع مرور الزمن أصبح لباسه عبارة عن جبة حمراء مع وشاح من القماش المطلي بالذهب ، و كان يحمل قضيبا من النحاس أو العاج و يستعمل الحصان للتنقل من مكان لآخر... 
إن عمل المحضر القضائي ينصب أساسا على تبليغ الوثائق المدنية كالتكاليف بالحضور للجلسات المدنية و الإلزامات بالدفع و كذا الإعذارات الخاصة بوجوب دفع الديون المستحقة بالإضافة إلى المعاينات المختلفة...كما يعمل لحسابه الخاص و تحت رقابة النيابة العامة...غير أن ما يهمني في هذا المقام هو دور المحضر القضائي في الجانب الجزائي من القانون....
إن دور المحضر في الجانب الجزائي لا يعدو أن يكون مجسدا في تبليغ الأحكام الجزائية وكذا التكاليف بالحضور و الخاصة بجلسات المحاكمة...إلا أن هذا لوحده يحتاج لنظر !  
يضطر المحضر القضائي للقيام بمهمة التبليغ على أكمل وجه للعب دور المخبر أحيانا و المختص النفساني أحيانا أخرى : فقد تكون الثقافة القانونية للشخص الذي يبلغه المحضر بتاريخ الجلسة بسيطة...فيعتقد خطأ بأن حضور جلسة المحاكمة يعني السجن حتما...إنها النهاية !!! و هنا على المحضر أن يرتدي قبعة المختص النفساني من خلال تهدئة المتهم أولا ثم إقناعه بأن حضور جلسة المحاكمة لا يعني بالضرورة السجن فقد يحصل على البراءة...بل و قد يضطر المحضر لزرع شيء من الأمل الزائف في ذهن المتهم مع علم المحضر بناءا على خبرته كرجل قانون بالمصير الحقيقي الذي ستؤول إليه القضية...كما قد يتعرض المحضر لمواقف صعبة إذا كان المتهم عنيفا ، فقد يحاول هذا الأخير الإعتداء عليه ، و من هنا نجد الكثير من المحضرين القضائيين يستخدمون الشباب للعمل كمبلغين بحجة ارتفاع وتيرة العمل و عدم قدرة المحضر منفردا على مجاراتها...مممممم... غير أن هذا جزء من الحقيقة...أما الجزء الآخر فهو أن المحضر يستخدم هؤلاء الشباب لتبليغ عتاة المجرمين تفاديا للإعتداء على شخصه ! و هنا أنصح الشباب عند القيام بتبليغ الأحكام الجزائية أو التكاليف بالحضور بارتداء قبعة المخبر ، كيف ذالك ؟ 
من عادة المحضرين القضائيين ارتداء بدلات أنيقة مع ربطات للعنق و حمل حقائب دبلوماسية...و هذا خاطئ عند تبليغ هذا النوع من الأحكام...و هنا أنصح بارتداء ملابس عادية جدا...كسراويل الجينز...مع أحذية رياضية و حمل الوثائق في محفظة عادية...و ليس بالضرورة أن تكون جلدية ! و السبب في ذالك أنه عند دخول حي ما  أو حارة ما نجد عادة أشخاص مهمتهم نقل الأخبار و ترصد الغرباء عند دخولهم للأزقة...و تتحول هذه المهمة من هواية عند البعض إلى مهنة عند البعض الآخر تحكمها قواعد و يختار القائمون بها بعناية بالغة في الأحياء المشهورة بالإجرام...فعند دخول المحضر بملابس رسمية سيعرف على الفور ، فيتقدم من أحدهم ليسأله عن الشخص الذي يريد تبليغه و عندها ستكون الإجابة على شاكلة : لا أعرف هذا الشخص! لا أعتقد أن هذا الشخص يسكن بالمنطقة! لقد غادر هذا الشخص هذا الحي منذ خمس سنوات...و قد يكون المتكلم مع المحضر هو الشخص المراد تبليغه!!! 
و هنا يقفل المحضر راجعا لمكتبه و هو يجر أذيال الخيبة ، و تكون النتيجة الحتمية هي صدور المئات من الأحكام الغيابية لأن المتهم لا يبلغ مع وجود عنوان واضح ! 
أما في الحالة العكسية و هي دخول الحي بملابس عادية فعند سؤال أحد المارة تتلقى جوابا واضحا لا لبس فيه...و إذا رأيت أن المتكلم هو الشخص المقصود اطلب منه الوثائق المثبتة لهويته أولا ثم املأ المحاضر و بعدها اطلب منه الإمضاء قبل الإستلام لأنه في الكثير من الحالات يوهم المعني المحضر بأنه يريد الإطلاع على التكليف أو الحكم قبل الإمضاء...و لما يتحقق له ما أراد يرفض التوقيع و الإستلام...إذا رفض الإستلام ابتداءا له الحق في ذالك لكن دون الإطلاع على مضمون الوثائق المبلغة...و قد يقول قائل : و ما الضير في ذالك ؟؟؟
لا تنسى عزيزي المبلغ ( أو المحضر ) أن المتهم الذي تسعى النيابة العامة لتبليغه...ليس الوحيد المعني بالتبليغ لأن هناك أشخاص آخرين ينتظرون نتيجة هذا التبليغ و هم الضحايا الذين ينتظرون التعويض...كما أن هناك صوتا غير مسموع للمجتمع و الذي يطالب بتوقيع الجزاء...و بعد أن علمت بهذا أعتبرك شريكا في الجريمة إن لم تنجح في تبليغ محاضرك الجزائية أو أحكامك ...و عندما تضطر للسؤال حاول أن تسأل كبار السن لأنهم الأقل كذبا !!! كما أنهم أكثر حكمة من أن يحاولوا الإعتداء عليك...
و أخيرا أنصحك بالصبر...لأنك و عند القيام بالتبليغ ستصادف جميع شرائح المجتمع و بالتالي ستتعامل مع أناس يختلف مزاجهم من شخص لآخر : فهناك شخص هادئ و ذكي...و آخر ذكي يتظاهر بالغباء...و شخص لا يعرف شيئا عن القانون و يخشى استلام أي شيء يتعلق به...و شخص آخر لا يعرف الكثير عن القانون و لكنه عنيف و يترصد الفرصة للإعتداء على كل من يمثل القانون...و فتاة جذابة مفعمة بالأنوثة تحاول إغرائك للحصول على معلومات عن قضيتها أو العبث في آجال تبليغ خصمها !!!...و هناك عجوز طاعنة في السن و سمعها ضعيف...و لا تنسى حمل المناديل الورقية لأنك ستلتقي حتما أشخاصا عاطفيين جدا !...و لقد توصلت في السابق لفكرة مفادها إسناد مهمة تبليغ الوثائق و المستندات المتعلقة بالمادة الجزائية لشخص آخر...من هو ؟ و كيف ذالك ؟ سأكلمك عنه بالتفصيل عزيزي القارئ في تدوينة أخرى....................دمتم بخير 



أفكر في الإعتزال...

أعزائي القراء...لقد كتبت أول تدويناتي سنة 2009 ...أعرف أن هذه المدة ليست بالطويلة التي أستطيع معها أن أقرر اعتزال التدوين...كتبت حتى الآن حوالي 70 تدوينة قانونية ...دخلت عالم التدوين لسببين الأول أنني كنت أريد استثمار معارفي القانونية البسيطة لإفادة الآخرين...أما السبب الثاني فهو أنني كنت أعتبر ما أكتبه كل أسبوع إثراء للمحتوى العربي على الشبكة العنكبوتية...خاصة التدوين بعد انتشار المدونات التي لا يتجاوز محتواها أن يكون تحميل آخر الكليبات و الأغاني...
و الواقع أنني لا أعرف إن كنت فعلا حققت نسبة و لو ضئيلة مما بدأت التدوين لأجله...و لكن التدوين أيضا أفادني حيث أنني تعرفت على الكثير من الأصدقاء...من زملائي و زميلاتي في التدوين....كما أنني استفدت كثيرا مما أقرأه منهم...و إليهم جميعا أوجه خالص تحياتي و أشكرهم جزيل الشكر....
و هنا نأتي للسؤال الذي يفرض نفسه ههنا : لماذا تريد أن تعتزل التدوين إن كنت تشعر بالسعادة و أنت تدون...لن أخفي عليكم سرا أنني كنت أتضايق أحيانا من قلة زوار المدونة خاصة بعد أن أكتب التدوينة بيوم أو يومين...و لكن في الآونة الأخيرة شعرت بالإحباط عند كتابتي لتدوينتي الأخيرة ...و لن أخبركم عن عدد الزوار خلال أسبوعين من كتابتها....
أعترف أنني أتوقف أحيانا عن التدوين لأن طبيعة عملي تقتضي السفر المتواصل كما أنني لا أستطيع التدوين بوتيرة أسرع...مرتين أو ثلاث أسبوعيا لأن طبيعة المادة التي أنا ملتزم بالكتابة فيها تقتضي عملين متناسقين الأول الحصول على المعلومات الخاصة بالتدوينة...ثم تجريدها من قوقعتها القانونية تبسيطا لمتلقي المعلومة...و لهذا فأنا أحاول أن أدون دوما على نفس الوتيرة و المستوى ...و لقد نصحني أحد الأصدقاء المدونين بأن أكتب أكثر من مرة في الأسبوع لجلب عدد أكبر من الزوار و لكن و للأسباب التي ذكرتها استبعدت الفكرة .
و الغريب أيضا أن معظم زوار مدونتي من الدول البعيدة...سيقول قائل و لم لا...قد يوجد بتلك البلاد عرب أو من يتقنون اللغة العربية .
قرار اعتزالي للتدوين ليس قرارا نهائيا فقط تعودت أن أفكر بصوت مرتفع خاصة فيما يخص المدونة التي و إن كنت أنا من يكتب فيها إلا أنها ملك لمن يقرأ مواضيعها............أنا آسف على الإطالة