قصة يوهان...فلسفة لص ( الجزء الأول )

بداية أتقدم بجزيل الشكر لكل من سأل عني خلال فترة غيابي التي كانت على ما يبدو طويلة نسبيا...لقد سبق و أن نشرت قصة قصيرة حول جريمة قتل كان بطلها السيد صول ...أما هذه القصة فمختلفة و قد بدأت كتابتها منذ مدة...و باعتبار أنها تعنى بالجريمة عموما...و تجسد الكثير من النظريات التي يحوم حولها علم الإجرام فقد قررت مشاركتكم أعزائي القراء تفاصيلها...كما أرجو أن تنال إعجابكم :
...و أخيرا مات يوهان...لقد أراح سطح الأرض من وزنه الخفيف و لعل باطنها يرتاح أيضا بعد تلاشي آخر قطعة من جسده النحيف...مات يوهان الذي عاش و لكنه لم يعش...مات حقيقة بعدما مات حكما قبل ذالك التاريخ بزمن بعيد...أنفاسه كانت معدودة عدها بنفسه كما يعد التاجر البخيل الشحيح بقايا القطع النقدية في درجه مع نهاية كل يوم...بعد أن يجمع الأوراق الخفيفة وزنا و الثمينة قيمة ، لن أجازف بالقول إن ليوهان قصة خاصة فهو لم يكن مميزا في شيء أو بتعبير آخر لم يكن محظوظا في شيء...أن تتعود على الخسارة شعور لا يعرفه الكثيرون لأنك إن تعودت عليها فمن الصعب عليك العيش في ظروف أخرى...أعني ظروفا أحسن...إنها الألفة ، فمن ألف الفقر لم يسعه الغنى إلا بعد حين ، بيد أن درجات الألفة تختلف من شخص لآخر ، لم يكن يوهان مختارا في تقبل وضعه فقد ولد فقيرا في حي فقير ماتت والدته ، و سارع والده للزواج من امرأة أخرى و كأنه كان ينتظر موت زوجته الأولى...لقد كانت كثيرة المرض...كثيرة الشكوى...و هذه هي الصفات التي يصعب على كثير من الرجال الذين يشبهون هذا الرجل تقبلها...قبل موتها بسنوات بدأ جسمها بالهزال...لم تعد تلك الفتاة النظرة التي أحبها للون شعرها الذهبي و بريق عينيها...تلك الصفات التي تجعل من الفتيات مرغوبات ...و لكن ذالك لا يعني بالضرورة أنهن محبوبات...هي مفارقة لا تفهمها الكثير من الفتيات اللواتي يعتقدن أو يردن الإعتقاد بأن شبابهن دائم...و هذه الحالة أشبه بحالة العجوز الهرم الذي يعلم علم اليقين بأنه مقبل على العالم الآخر و لكنه يرفض أي حديث يذكره بسنه أو دنو أجله ، بل و يطرب لأحاديث الأمل و لمن يخبره بأنه مازال في طور الشباب...كانت الزوجة الثانية من الفتيات الحكيمات أقصد ذالك النوع من النساء الذي يعرف كيف و أين و متى...سياسة المحافظة على الرجل تحت أي ظرف كان...أما هو فكان يعرف بأنها تنافقه في كل ما تقول و تفعل و لكنه تجاهل الأمر...لم يكن ليوهان الصبي أي دور في هذه التضحية أعني بأن والده لم يكن يتحمل ذالك النفاق من أجل إبنه بل لكي يعيش ما تبقى من أيامه مع زوجة مفعمة بالأنوثة فهذا كاف بالنسبة إليه...أما يوهان فكان بالنسبة إليه قطعة من أثاث البيت و لا داعي للمفاضلة بين تلك القطع لأن كلها هش و عتيق
يتبع...دمتم بخير