جريمة الإغتصاب....عودة الشيطان تي جين !!!

بداية أهدي هذه التدوينة إلى أختي الفاضلة ( مغربية)...و التي اقترحت علي تقديم هذا الموضوع....كما أهديه لكل الفتيات اللواتي عانين من تجربة الإغتصاب المريرة.....
إن من بين الأساطير الأكثر شيوعا بين سكان هايتي....أسطورة تي جين بيد سك....و هو إسم لروح شريرة مهمتها دفع الرجال لاغتصاب النساء ، و يصورونه على شكل وحش بساق واحدة...كما أنه يتغذى على اللحوم النيئة!
و الإغتصاب هو قيام المجرم بإدخال جسم غريب في العضو الجنسي للضحية....على أن يتم ذالك إرضاءا لرغبة جنسية ، هذا إذا استندنا إلى القانون الفرنسي الذي عالج جريمة الإغتصاب بغرابة !....فهو يقر باحتمال وقوع الإغتصاب من الذكر و الأنثى ، كما يقر بإمكانية وقوع الذكر و الأنثى كضحايا لهذه الجريمة....و أغرب ما في القانون الفرنسي هو انفراده بصورة أقل ما يمكن أن يقال عنها...أنها دعوة لنشر الرذيلة...حيث يعاقب الزوج الذي يعاشر زوجته بغير رضاها على أساس أنه اغتصبها ....و كأنه يقول للزوج : إذهب لتشبع رغباتك الجنسية خارج البيت إذا لم ترد زوجتك معاشرتك !!! ، و يشبه القانون الإيطالي نظيره الفرنسي من حيث المبدأ...بيد أن القانون الإنجليزي سار في اتجاه معاكس ... فجريمة الإغتصاب فيه لا تكون إلا من رجل على امرأة.........و في فلكه سارت معظم القوانين العربية.....
يشترط القانون أن يستعمل المجرم في هذه الجريمة العنف أو التهديد أو المباغتة أوالمواد المنومة...بهدف اغتصاب الضحية ، و للتأكد من أن الفتاة اغتصبت فعلا و لم تمارس الجنس طواعية....و قديما كان القانون يشترط على الضحية أن تثبت مقاومتها للمجرم...و يظهر ذالك على شكل خدوش بوجهه أو صدره....و قد تتسائل عزيزي القارئ : هل تمزيق غشاء البكارة كاف لإثبات وقوع الإغتصاب؟؟؟
...من البديهي أن تمزيق غشاء البكارة بالنسبة للفتاة البكر دليل على اغتصابها....غير أنه لا يمكن اشتراط ذالك في كل عمليات الإغتصاب ....لأن غشاء البكارة أنواع ، و من بين أنواعه...غشاء يسمى المجامل...و هو لا يتمزق من الممارسة الجنسية الأولى!!!
أما بالنسبة للمرأة الثيب فالخبرة الطبية تلعب دورا أساسيا في كشف الحقيقة...........
تي جين هو مجرد أسطورة.....و لكن الشيطان حقيقة ...فإذا افترضنا جدلا أن تي جين هو اسم الشيطان الذي يدعوا المجرمين لارتكاب الإغتصاب....فما الذي يجب علينا فعله لإيقاف أتباع تي جين عن جرائمهم؟؟؟

صفات الشاهد.......................و صفات الخاطب !!!

تتنوع المصادر التي قد يلجأ إليها قاضي التحقيق لكشف أسرار الجريمة....ومن بين هذه المصادر...شهادة الشهود ، و ما يميزها هو صعوبة الحصول على شهادة مقنعة و صادقة....عكس المصادر الأخرى كالخبرة مثلا...و التي تستمد مصداقيتها من الطرق العلمية المستعملة للحصول عليها........أما في الشهادة...فالمحقق يتعامل مع شخص قد يكون هو المجرم الحقيقي !....كما قد يكون بريئا و لا يعرف عن الجريمة شيئا....فيضيع جهد المحقق دون التوصل إلى شيء مفيد..........
و يجب على قاضي التحقيق التأكد من بعض الصفات التي ينبغي توفرها في الشاهد قبل سماعه ، و أهمها قدراته الذهنية......فالشيخ المسن الذي لا يتذكر أسماء أبنائه !!! لا يصلح أن يكون شاهدا....كما يجب أن يتأكد المحقق من سلامة الحاسة التي بنى عليها الشاهد شهادته...فضعيف البصر لا يمكن الوثوق بشهادته في جريمة قتل...يزعم أنه شاهد تفاصيلها...مع أنها وقعت ليلا و في حي مجاور للحي الذي يسكن فيه ، أما إذا استدعى المحقق الشاهد للشهادة فقط....مستبعدا أن يكون هو المجرم ، فعليه أن يتأكد من علاقاته ...بحيث لا يكون له أية صلة بالمجرم مهما كان نوعها.........لأن وجود علاقة بينهما قد تدفع الشاهد إما للكذب....أو لتعديل الشهادة بشكل يخدم مصلحة المجرم ...و قد تتسائل عزيزي القارئ : ماذا عن جهاز كشف الكذب؟؟؟؟
.......إن هذا الجهاز أضعف من أن يكتشف تزييف الحقائق....فخبرة بعض المجرمين ...الذين اكتسبوها من عالم الإجرام تجعلهم يتفادون التوتر عند طرح أي سؤال يخص الجريمة ............
يفترض في المحقق الذكاء....و عليه فإن رواية الشاهد هي عبارة عن مادة خام ، يجب معالجتها بحكمة متناهية...فأي تناقض للشهادة مع ما توصلت إليه الأدلة الأخرى....يفقد الشهادة قيمتها ، و لهذا السبب يقوم قاضي التحقيق أحيانا بتنظيم مواجهة بين الشاهدين إذا اختلفت روايتهما ....فيسمعهما و هما يتجادلان !....فيستنتج الرواية الأصح............
إن البحث في صفات الشاهد و علاقاته الإجتماعية قبل سماع شهادته....يشبه إلى حد بعيد..........البحث الذي تقوم به عائلة الفتاة المخطوبة...في صفات الخاطب للتأكد من ملائمته لابنتهم....غير أن النهاية مختلفة تماما ، ففي الخطبة يتوج البحث بالزواج...أما نهاية التحقيق فتعني المحاكمة........و شتان بين الأمرين !!!

القانون يحمي فينوس و أفروديت...و يصطاد الذباب !!!

أفروديت ...أو بافيا هي آلهة الجنس في الأساطير اليونانية القديمة...و هي ترمز إلى الحب المحرم........أما فينوس فهي آلهة المتعة الجنسية في الأساطير الرومانية...و كانت زوجة لفولكان ( إله الحدادة )....و لكنها كانت تخونه مع عشيقها مارس ( إله الحرب ) .......
و الدعارة من الناحية القانونية هي عرض جسد إنسان على إنسان آخر لكي يشبع شهوته الجنسية....و يقدم هذا الأخير ثمنا لذالك...و للدعارة صور كثيرة...تختلف من قانون لآخر ، إلا أنني اخترت صورة منها........لطالما تعجبت من وجودها...و تتمثل في اعتبار من يعيش على أموال محترف الدعارة مجرما و يستحق العقاب...في حين لا يعاقب من يحترف الدعارة ......بل و يذهب القانون أبعد من ذالك...حيث يطلب من هذا ( البائس) الكشف عن مصدر أمواله للتأكد من عدم وجود أموال محترف الدعارة ضمنها.....مهلا !!!
أرجوا أن لا يفهم من كلامي أنني متسامح مع الشخص الذي يستثمر مثل هذه الأموال....و لكن الظروف الإجتماعية قد تجبر شخصا ما ...على قبول مثل هذه الأموال لسد حاجاته الأساسية...من طعام و لباس....
غير أن الخطر كل الخطر...في الأشخاص الذين يخططون للدعارة...( محترفي الدعارة ) ...فالقانون يمنحهم الحماية إذا كان نشاطهم مرخصا به...بينما يلاحق من هم أقل خطرا و ضررا...فمن البديهي استنتاج أن يعيش على أموال خبيثة المصدر أقل ضررا ممن يجلب الفتيات السيئات و يؤمن لهن المكان و الزبائن( محترف الدعارة )........خاصة إذا علمنا أن الدعارة جريمة تولد جرائم أخرى أكثر خطرا .....فشبكات الدعارة الكبيرة لها علاقات متينة مع شبكات أخرى تعمل في تجارة الرقيق الأبيض...حيث ينقلون الأطفال و المراهقين من دولهم إلى دول أخرى....ثم يبيعونهم لمن يستغلهم جنسيا...و هذا شائع الحدوث في أوروبا الشرقية...
أعتقد أنه لابد من ترتيب الأولويات في العقوبة ...فيجب أن تكون العقوبة الخاصة بمحترف الدعارة أشد من عقوبة من مارس الرذيلة لمرة واحدة عندما وجد الفرصة لذالك !!! أما معاقبة ( البائس) الذي يعيش على نفقة المجرم....فهي أشبه باصطياد الذباب في مكان مليء بالأفاعي !!!

الدفاع الشرعي...انتظرني لحظة ! سأجلب سكين الخضار !!!

كثيرا ما يفاجئ المجرم ضحاياه...غير أن موضوعنا سيكون حول حالة معكوسة...الضحية فيها...هو من يفاجئ المجرم غالبا، و تسمى بحالة الدفاع الشرعي ، فالأصل أن القانون لا يجيز للشخص الإقتصاص لنفسه بنفسه...غير أنه إذا توفرت بعض الشروط جاز للشخص دفع الإعتداء عن نفسه...حتى و لو كان في ذالك إلحاق الأذى بالمجرم...هنا لا تكون الجريمة جريمة ...و لا الضحية مجرما...بل مدافعا عن نفسه ! ، و لكي يمنح القانون هذه الرخصة ...يشترط أن يكون الإعتداء قد وقع فعلا أو على وشك الوقوع...و كمثال لوقوعه فعلا قيام شاب بإشهار سلاحه في وجه فتاة...و تهديدها باستعمال السلاح إذا لم تقم بتلبية رغباته الجنسية....أما عن الإعتداء الذي يكون وشيك الوقوع....فكقيام شخص بمرافقة مجموعة من الشباب في رحلة بحرية على زورق...و يتكشف صدفة أن هؤلاء يبيتون قتله و إلقاءه في البحر...عند الوصول إلى مسافة معينة...فالإعتداء وشيك...و لكنه سيقع حتما !
كما ينبغي أن يكون هذا الإعتداء غير قانوني بالمرة.........فتقييد الشرطي للمجرم عند القبض عليه...أمر عادي و قانوني...و لا يبيح للمجرم ضرب الشرطي بحجة الدفاع الشرعي...
أما الضحية...فليس حرا في الدفاع عن نفسه و عرضه و ماله...بل رسم له القانون حدين لا يجوز له تجاوزهما...الأول منطقي جدا...وهو أن يكون دفاعه عن نفسه متزامنا مع الإعتداء عليه...فضرب الفتاة للمجرم يجب أن يكون في اللحظة التي حاول فيها هذا الأخير اغتصابها و ليس بعد ظهور علامات الحمل !!!...هنا لا يكون دفاعا شرعيا...بل إنتقاما ! أو مجرد سلوك للتعبير عن تأنيب الضمير...أو ما شابه
كما أن على الضحية اختيار الأسلوب المناسب للرد ....بشكل لا يكون فيه الرد أخطر من الإعتداء نفسه....و هو شرط مثير للسخرية في نظري !!!...فكيف لشخص رأى مجرما داخل منزله و هو يحمل شيئا ما...أن يختار الوسيلة التي يدافع بها عن نفسه و عائلته؟؟؟
فليس لديه الوقت الكافي للتفكير...كما أنه لا يستطيع معرفة ما لدى المجرم من أسلحة...هل يقوم بالدردشة مع المجرم و الإستفسار.... على نحو ماذا لديك من أسلحة؟؟؟...فيجيب المجرم : سكين !!!...فيقول الضحية : انتظرني لحظة !...سأجلب سكين الخضار...و الأسوء هو أن القاضي هو من يحدد ما إذا كان الدفاع مناسبا أم لا....و هنا أتسائل و لك عزيزي القارئ أن تجيب : هل شارك القاضي الضحية في تلك اللحظات العصيبة ...حتى يكون له الحكم على الواقعة؟؟؟...في انتظار موضوع آخر تقبلو مني أسمى التحيات....
...لقد قام الأخ الفاضل المدون محمد ساحلي بنشر حوار أجريته مع المدون و الأخ الكريم معمر عامر...تستطيع عزيزي القارئ الإطلاع عليه عبر الرابط التالي : http://miolog.com/interviews/cr-chocolate

جريمة القذف...لسان العاقل وراء قلبه و قلب الأحمق وراء لسانه !!!

قد يبدو للوهلة الأولى أن جريمة القذف بعيدة كل البعد عن الحكمة المذكورة في العنوان ...بيد أن وجه الشبه بينهما يتجسد في كون القذف آفة من آفات اللسان ...و الإعلام (إذا شئنا التدقيق).....و القذف قديم بين البشر، فقد اتهم نبي الله يوسف عليه السلام بالفاحشة، و هو منها بريء و القذف ببساطة هو اتهام شخص معين أو هيئة معينة بأمر قد يمس بالشرف أو السمعة...و يكون ذلك علنا ، و يسمى مطلق التهمة بالقاذف و المتهم بالمقذوف...و قد يكون موجه التهمة ( القاذف) شخصا أو وسيلة من وسائل الإعلام.......كما قد يكون المقذوف شخصا أو هيئة ما
...و الشرف هنا نعني به المنزلة التي يرى الشخص نفسه فيها ، أما السمعة فهي المنزلة التي يرغب أن يضعه الناس فيها ...و هناك فرق بسيط بين جريمتي القذف و السب...ففي جريمة القذف يشترط القانون أن ينسج القاذف قصة لخبره !!! عند إعلانها أمام الناس...كأن يقول: يا من سرقت حقيبة فلانة.....أو يا من زنيت بفلانة...........أما جريمة السب فتكون دون تحديد واقعة بعينها ، فيقول : يا زان !!! أو يا سارق !!!
و تتحقق الجريمة سواء كان الخبر...نقلا عن مصدر آخر أو كان من بنات أفكار المجرم .....فالأمر سيان ، و تجدر الإشارة إلى أن بعض التشريعات تدخل هذه الجريمة ضمن قوانينها الخاصة بالإعلام و ليس ضمن قانون العقوبات...و السبب في رأيي راجع لكثرة ارتكاب هذه الجريمة في الأوساط الصحفية...فالسبق الصحفي عند بعضهم أهم من سمعة المقذوف و شرفه !!!
و هنا قد تتسائل عزيزي القارئ : ماذا لو كانت التهمة صحيحة........ما مصير القاذف؟
تختلف القوانين من بلد لآخر...فبعضها يشترط لقيام هذه الجريمة عدم صحة الخبر أو القصة التي رواها القاذف...بينما تعاقب قوانين أخرى على مجرد الإتهام علنا...و هو الأقرب للصواب في نظري ، لأن التأكد من صحة ما قاله القاذف يتطلب وقتا...كما أن اتهام شخص بما يسيء إلى سمعته علنا ليس من مكارم الأخلاق في شيء.........و عدم معاقبة القاذف سيدفعه حتما إلى تكرار فعلته....، و لأن القاذف و هو يرتكب جريمته قد يستعمل ألفاظا سيئة...تؤذي من يسمعها ، و من هنا فقد وجب عقابه دون حاجة إلى التأكد من صحة ما قال.....أرجو أن تكون هذه التدوينة قد رسمت بعض ملامح جريمة القذف....في انتظار جرائم أخرى تقبلو مني أسمى معاني الإحترام و التقدير.......
دمتم بخير...

التسميم.....من مأمنه يؤتى الحذر

يعتبر القتل بالتسميم قتلا من نوع خاص...تشدد فيه العقوبة ، و ذالك لأن المجرم قد استغل بسفالة !!! الثقة التي وضعها فيه الضحية عندما تلقى الطعام أو المشروب من يده و تناوله هذا الأخير...فإذا به مسموم !
و استعمال السم للقتل أو الإنتحار قديم جدا...فقد كان سم الزرنيخ ( الأرسينيك)...السم المفضل لدى الرومان و اليونان ...و قد كان لونه يشبه لون السكر إلى حد بعيد........كما أن إعدام الفيلسوف سقراط كان بإجباره على شرب قارورة من السم...و قد انتحرت كليوبترا بسم ثعبان ، و استعمال السم ...كان طريقة الإنتحار المثلى عند الآسياويين و البريطانيين........
و السموم أنواع... منها الغازية...و هي الأخطر ، كما أن هناك سموما سائلة و أخرى مشعة ، و بعض السموم تعتبر معادنا في الأصل ، و من أكثر السموم استعمالا في عمليات القتل و الإنتحار...نجد الزرنيخ ، و التاليوم...و الذي يوجد عادة ضمن الأدوية المخصصة لقتل الجرذان ، و كذا السيانيد...و الذي تشبه رائحته رائحة اللوز المر ( و به انتحر القائد الألماني غورنغ بعد محاكمته في نورنبورغ)...و هناك سم الألسينور ، بالإضافة إلى الزئبق.........
و للإفادة ...فقد آثرت عزيزي القارئ أن أعرض عليك بعض النصائح الخاصة بالتعامل مع حالات التسمم:
بداية إعلم عزيزي أن الأطفال و الشيوخ ...هم أكثر تأثرا بالسم من غيرهم.........و من أعرض التسمم....الرغبة الملحة في الإستفراغ بالإضافة إلى شعور بالدوار و صعوبة في التنفس ، كما يحتمل دخول الشخص في غيبوبة......و في حالة حدوث ذالك ...عليك عزيزي القارئ بأخذ المصاب فورا إلى المستشفى.......و لا تحاول لمس شيء موجود هناك...لأنك ببساطة لا تعرف نوع السم الذي استخدمه المجرم.......كما أنصحك بمغادرة المكان فور إخراج المصاب منه...و ذالك لنفس السبب الأول ( فقد يكون السم غازيا )
بيد أن بعض المجرمين أصبحوا يعتمدون على إعطاء جرعات صغيرة للضحية مع زيادة طفيفة في الجرعة في كل مرة...لكي تبدوا وفاته طبيعية في النهاية...و هنا أقول أنه... أصبح من المؤكد أن الشعر البشري يخزن السموم بطريقة عجيبة و لمدة طويلة جدا (حتى بعد الوفاة) و بفحص خصلات من شعر الضحية سيصل المحققون إلى الأسبوع الأول الذي تناول فيه الضحية أولى الجرعات....فما على المجرم في هذه الحالة سوى حلق شعر الضحية قبل إعطائه الجرعة المميتة لئلا ينكشف أمره !!!.........دمتم بخير

الجريمة المستحيلة............حكاية مجرم غبي !!!

يحكى أن رجلا بخيلا جمع ثروة طائلة...فعمد إلى صندوق عتيق فوضع فيه كل ما يملك من ذهب، و تحت جنح الظلام حمله إلى غابة قريبة فحفر حفرة عميقة...و دفن فيها الصندوق ، و لما فرغ من ذلك وضع لافتة كبيرة كتب عليها ( لا يوجد ذهب هنا )... و في الصباح مر أحد اللصوص بالمكان فرأى اللافتة...و حفر في ذلك الموضع فوجد الذهب و أخذه........و قبل مغادرة المكان ترك لافتة كتب عليها (لست أنا من سرق الذهب !!!) وذكر اسمه كاملا...
كانت هذه أحد النكت الصينية القديمة التي تبين غباء بعض المجرمين...و قد آثرت أن تكون بداية لموضوع الجريمة المستحيلة...و التي نعني بها عدم تمكن المجرم من تحقيق هدفه الإجرامي...و يعود ذلك إلى غياب الضحية أو عدم فعالية الأشياء التي استخدمها المجرم للقيام بجريمته ، و أقدم حكم قضائي في هذا الموضوع يعود إلى الثامن من شهر ديسمبر من سنة ألف و ثمان مئة و ثمان و أربعين....و قد صدر عن محكمة (أجون) الفرنسية...و تتلخص وقائع هذه القصة...في محاولة شاب يدعى (لورون) قتل والده....فوضع عيارات نارية في بندقيته تحسبا لقدوم الوالد....و لكن الأب وصل قبل الإبن...و تفحص البندقية ، فتفطن للخطة و نزع العيارات النارية منها.........و لما وصل الإبن.......حمل البندقية و صوبها باتجاه والده و ضغط على الزناد...
و تختلف الجريمة المستحيلة عن حالة أخرى مشابهة تسمى ( الجريمة الخائبة) ....و في هذه الأخيرة يقوم المجرم بكل الخطوات اللازمة لتحقق الجريمة...و لكنها لا تحدث لسبب خارج عن إرادته...فالفرق بينهما في نظري هو أن المجرم في الجريمة الخائبة...ذكي و ينفذ جريمته بذكاء...و لكنه سيء الحظ !!!...أما المجرم في الجريمة المستحيلة فهو إما غبي لا يعرف أبجديات الإجرام....أو لم يخطط لجريمته بدقة.........
و قد اختلف فقهاء القانون حول معاقبة مرتكب الجريمة المستحيلة بين مناد بضرورة عقابه و متسامح معه بحجة أن الجريمة لم تقع !...و بينهما رأي وسط قسم الإستحالة إلى قسمين:
قسم سمي الإستحالة المطلقة...ومعناه إستحالة تحقق ما أراده المجرم من خلال فعلته.....كأن تحاول امرأة تسميم زوجها بوضع مسحوق للتجميل في طعامه...أو محاولة شاب طعن آخربقطعة خشبية........أما القسم الثاني فسمي الإستحالة النسبية و هي تقترب كثيرا من صورة الجريمة الخائبة.......فاحتمال وقوع الجريمة فيها كان واردا.....و لم يتحقق بسبب سوء استعمال الوسيلة المخصصة للجريمة...أو عدم التخطيط لها بدقة....فقرروا معاقبة مرتكب الجريمة المستحيلة استحالة نسبية....و العفو عن مرتكب الجريمة المستحيلة استحالة مطلقة...كما قسم الفقيه ( غارو ) الإستحالة إلى مادية و قانونية...............غير أن التقسيم الأول هو الأدق في اعتقادي...
أما بالنسبة للعقوبة فأعتقد أنه لابد من معاقبة المجرم في حالة الجريمة المستحيلة...لأنه يخفي في قرارات نفسه مشاريع إجرامية... و إذا لم يعاقب على محاولاته الغبية تلك...فسيشجعه ذلك على القيام بمحاولات أخرى بحيث يكون أكثر حيطة و حذرا...كما سيتفادى أخطاء المحاولات السابقة ...لذا ستنجح محاولاته بالتأكيد ...
و في الأخير.......أعتقد أن موضوع الجريمة المستحيلة من أطرف مواضيع القسم العام من القانون الجزائي..........و ما عليك عزيزي القارئ سوى أن تلعب دور تاليي (و هي بنت من بنات جوبيتر في الأساطير القديمة ....كانت مشهورة بفن الكوميديا )...و تقوم بتخيل مواقف طريفة يمكن اعتبارها جرائم مستحيلة..........استمتع بذلك