هل أسنانك غير منتظمة ...اقتني مقوما للأسنان قبل أن تصبح مجرما!

بداية دعوني أعترف بسر لم أبح به من قبل...وهو أنني من أشد المعجبين بالعالم الإيطالي سيزاري لومبروزو (1835-1909) ، وهذا منذ دروسي الأولى في علم الإجرام، وكتعريف موجز بهذه الشخصية الفذة ...أقول عنه أنه كان طبيبا و ضابطا في الجيش ثم أستاذا في الطب الشرعي بجامعة بافيا الإيطالية و هو عراب المدرسة الوضعية الإيطالية أشهر مدارس القانون الجزائي عموما و علم الإجرام خصوصا .
و ترتكز نظريته أن للمجرم صفات عضوية ونفسية تميزه عن غيره من البشر، و بإدراكنا لهذه الصفات نستطيع التعرف على المجرم بمجرد رؤيته...أليس هذا رائعا؟، وقد توصل لومبروزو لذالك بعدما قام بتشريح جثث العديد من المجرمين، وقام بشرح نظريته في كتاب أصدره عام1876 وأطلق عليه اسم(الإنسان المجرم) ، و سأركز فيما يلي على الصفات العضوية التي خص بها هذا العالم فئة المجرمين:
حيث يقول أن المجرم ضيق الجبهة، وضخم الفكين، كما أن عظام خديه بارزة و أسنانه غير منتظمة و أنفه يميل للاعوجاج ، وشكل جمجمته غير طبيعي بالمرة ، أما أذنيه فإما صغيرتان جدا أو كبيرتان جدا ، أما شعره فغزير و جاف ، وبشرته كثيرة التجاعيد، أما ذراعيه فإما طويلتان جدا وإما قصيرتان جدا، كما أن عظام قفصه الصدري غير متناسقة
وتطبيقا لنظرية لومبروزو في جريمة الدعارة مثلا، نجد بعض العلماء المتأثرين به قد وضعوا صفات مميزة للعاهرات بعد فحوصات أجروها على عينة منهن:
حيث توصل فورنا ساري الإيطالي إلى أن العاهرات صغيرات الرأس...ووجههن مستطيل، وشفاههن رقيقة كما يتميزن بتضخم في الفكين و شذوذ في نمو الفخذين مع صغر حجم الأذنين، و كان لومبروزو قد وصف العاهرات بأن لديهن صفات رجولية كنمو الشعر على مستوى الصدر و الأطراف ، و توصل أسكاريلا بأن بصمات العاهرات متشابهة وهي من النوع البسيط الارتدادي ، أما الدكتورة الروسية بولين تارنوفسكي فقد توصلت إلى أن نمو أسنان العاهرات غير منتظم و كذالك شكل آذانهن .

قد يبدو التفكير بوجود صفات مميزة للمجرمين أمرا سخيفا...فما على الشخص الذي يعاني من عدم انتظام أسنانه إلا اقتناء مقوم للأسنان وسيتخلص من نوازعه الإجرامية ، أما من يعاني من شعر جاف فيكفيه استعمال غسول للشعر مع بلسم مرطب ، أما بالنسبة للتجاعيد فمواد التجميل المضادة لها كثيرة ، غير أن هذه الدراسة قد تكون النواة التي ننطلق منها لوضع معايير لضبط شخصية افتراضية للمجرم ، إن الذي يمعن النظر في الطريقة التي يفكر بها لومبروزو يكتشف أمرا في منتهى الغرابة ، فمن جهة يعتقد أن المجرم خلق ليكون مجرما فهو مسير و لا داعي لمعاقبته ، ومن جهة أخرى يدعوا للتخلص من المجرم و إعدامه إذا لم يتجاوب مع من يحاول إصلاحه...ومع كل ذالك يظل لومبروزو عملاقا ، أعتقد أن القسم الثاني من الصفات التي أطلقها لومبروزو على المجرم و الخاصة بالصفات النفسية قد تصدق في الكثير من الحالات و سنتعرض إليها عزيزي القارئ في مقالة أخرى، و في انتظار ذالك ...إن كانت لديك عزيزي القارئ صفة من الصفات التي ذكرها لومبروزو فلا تخشى شيئا فأنت لست مجرما!!!!!.....مع تحياتي


المراجع التي استعنت بها لكتابة هذه المقالة هي:
- كتاب الموجز في علم الإجرام و العقاب للدكتور إسحاق إبراهيم منصور
- مقالة بعنوان الإتجاه البيولوجي في تفسير الدعارة للأستاذ زين العابدين سالم

6 التعليقات:

آمنة يقول...

تدوينة رائعة ومميزة :)
أما الصفات..
فمخيفة..!
منذ زمن طويل..
ذكر لي أحد إخوتي بعض هذه الصفات وتعجبت..!حينها كان يدرس القانون..! ظننته يؤلف..!
ويكأني ظلمته..!!

شكراً لك

يوسف يقول...

شكرا لك أختي آمنة على تشجيعك لي و أرجوا أن يوفقني الله لأقدم الأفضل دائما

العابرة يقول...

السلام عليكم

حقيقة حازت فكرة المدوّنة على إعجابي!!

وقد قرأت التدوينات الأولى لك هنا.. ووجدت أن الأسلوب شيّق.. فواصل يا أخي!

تحتاج أمتنا إلى المبدعين والمبتكرين،، فثابر ونحن بإذن الله لك متابعون..

ولعلّي أغير فكرتي عن القانون وأهله :)

هدفك نبيل فاستمر.. وإلى الأمام :)

بالتوفيق!!

يوسف يقول...

أشكرك أختي الكريمة على تشجيعك و أرجو أن تنال كتاباتي إعجابك دائما

أماني الــ...... يقول...

السلام عليكم أخي يوسف
صراحة ينقصنا هذا النوع من التدوين الذي يثري المعرفة و يعرفك على تخصصات و أحداث قد لا يربطك نمط حياتك أو مجال دراستك بها.

أما بخصوص أن بعض الصفات الجسمانية قد تكون دلالة على نوازع الشخص الإجرامية.. فهو أمر قد يكون فيه من الصحة ..
فبحكم دراستي فإنه قد يكون وراء ذلك التغير الجسماني – أسباب هرمونية وكيميائية- حيث إن الصفات التي أدرجتها في موضوعك (كتضخم عظام الفك، النمو غير المنتظم في الرأس أو حتى تضخم الأطراف كالأصابع والأرجل ) هي أعراض لازدياد إفراز هرمون النمو ..

و أيضا ً عديد من الدراسات أثبتت تواجد علاقة طردية بين العديد من الأمراض العقلية( كالجنون والفصام والاكتئاب أو حتى بعض الاضطرابات النفسية البسيطة) وبين الكشف عن اختلالات في المعايير الكيميائية للجسم ، فكثيراً ما نسمع أن هناك من يعاني من اضطراب عقلي قام بالتعدي على احدهم أو قام بقتل أحدهم و أقدم على الانتحار ... الخ.

والشيء بالشيء يذكر.. فبالإضافة إلى كيميائيه الجسم ـ أيضا ً الجانب التشريحي لأعضاء الإنسان الداخلية اثبت تواجد بعض الارتباط، فتواجد بعض التشوهات أو التغيرات في نمو الدماغ كانكماش مراكز معينه في المخ أو نشاط بعضها عن غيرها قد تزامن وبعض النوازع الإجرامية لدى من يعاني منها.


شكرا ً على الموضوع.. وعذرا على الإطالة .. فذلك بسبب عنصر التشويق في موضوعك

تقبل تحياتي
أماني

يوسف يقول...

أختي العزيزة أماني
لقد أسعدني تعليقك جدا...وأشكرك على إضافتك المميزة...و أنا في انتظار تدويناتك بفارغ الصبر