قصة جريمة الزنا.....عالمهم و عالمنا

لقد ترددت كثيرا في كتابة هذه التدوينة ، ولكن ما ستكتشفه عزيزي القارئ سيغني عن ذكر سبب كتابتها ، و سوف نلقي من خلالها نظرة على جريمة الزنا ، و بالخصوص على شرط من شروط قيامها
حيث يشترط القانون لقيام الجريمة أن يكون أحد الجناة متزوجا...وهو الشرط الذي أراه غير منطقي بالمرة بالنسبة لمجتمعاتنا العربية ، إذ يفلت الزاني من العقاب بمجرد أن يثبت أنه أعزب هو أو شريكته...أليس هذا مخجلا
لقد نقلت أحكام جريمة الزنا الموجودة في القوانين العربية من قانون العقوبات الفرنسي القديم...ولكن السؤال الذي أجدني مظطرا لطرحه هو: هل يصلح قانون العقوبات الفرنسي كنموذج في تجريم الزنا؟؟؟
سأروي لكم الحكاية من البداية...ولكنها ليست حكاية ما قبل النوم لأنها قصة حقيقية ولكم أن تجيبوا أعزائي عن السؤال الذي طرحته بمفردكم بعد ذالك
في سنة1254 قرر الملك الفرنسي لويس التاسع منع البغاء و نفيت جميع العاهرات من فرنسا ، وسرعان ما انتشرت جريمة الإغتصاب بشكل رهيب فقامت الحكومة بإلغاء القانون الذي أصدره الملك سنة 1256 ، فعادت العاهرات لممارسة الرذيلة بكل حرية و بحماية قانونية أيضا.
وقد أوصى لويس التاسع نجله فيليب بإعادة العمل بالمرسوم الذي أصدره سابقا بشأن البغايا...وعادت معدلات جريمة الإغتصاب لترتفع مجددا...كان هذا منذ زمن بعيد ، أما الآن فقد ألغى القانون الفرنسي جريمة الزنا بموجب قانون صدر في 11 جويلية1975 ...وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تفشي الفحش و الخيانة الزوجية في فرنسا بشكل يستحيل معه تجريم هذا الفعل فقد أصبح في حكم العادة ...ومن هنا أعتقد أن فرنسا ليست نموذجا إطلاقا، فلماذا تصر قوانينا العربية على التمسك بشروط جريمة الزنا الفرنسية الأصل؟؟؟
أعتقد أن هذه التبعية مكلفة جدا...لأنهم عندما جرموا الزنا قصدوا من وراء ذالك حماية الحياة الزوجية...أما نحن فمن المفروض أن نجرمه حماية للأخلاق بالدرجة الأولى
أعتقد أن القوانين الوضعية الأجنبية لا تصلح للتطبيق في عالمنا العربي ، والحل في رأيي هو الرجوع للتعاليم الدينية، فإذا كانت الدولة العربية إسلامية ففي سورة النور من القرآن الكريم ما يغني عن أي تشريع وضعي مهما كان مصدره ...أما الديانات السماوية الأخرى فتحرم الزنا شأنها شأن الإسلام في ذالك ، فبالنسبة للشريعة اليهودية نجد ما ورد في سفر الاويـيـن الإصحاح 19/29 ( لا تدنس ابنتك بتعريضها للزنا لئلا تزني فتمتلأ الأرض رذيلة) ، أما الديانة المسيحية فقد أقرت أن الجماع بدون زواج يتضمن ذنبين الأول في حق الرجل و الثاني في حق شريكته، وبالتالي فالزنا محرم في جميع الديانات السماوية ودون شرط قيام علاقة زوجية سابقة بمعنى أن المفروض قيام الجريمة وإن كانا عازبين...فلما المكابرة
و في الأخير أهنئكم أعزائي بحلول عيد الفطر و أرجو أن يعيده الله عليكم بتمام الصحة و اليمن و البركات

4 التعليقات:

ذو الروح الشائبة يقول...

كل عام وانت بخير :)

موضوع الزنا موضوع شائك .. والحل كما قلت بتطبيق الشريعة الاسلامية ليس في الزنا فقط انما في كل الامور :)


شكراً على مدونتك الجميلة

يوسف يقول...

أخي العزيز/ذو الروح الشائبة
شكرا لمرورك و تشجيعك...و أرجوا أن يوفقني الله لتقديم الأفضل دوما

أفلاطونية يقول...

ماشاء الله عليكـ أخوي يوسف ، فعلاً طريقة عرضكـ للقانون مميزة بعكس ماتعلمنا في جامعاتنا الطريقة الكلاسيكية المملة جداً ، سؤالي عندما تتكلم عن القوانين العربية فعن أي دولة تتحدث ؟ لأن القانون الإماراتي مختلف عما ذكرته فهو مستمد من الشريعة وقد كنا سابقاً ندرس "الشريعة والقانون" أما اليوم فقد تم الفصل بينهما !

يوسف يقول...

السلام عليكم
أختي العزيزة/ أفلاطونية
شكرا لمرورك و تشجيعك
أما عن سؤالك: فأنا لما كتبت هذه التدوينة قصدت التشريعات العقابيةالعربية التي اتخذت من القوانين الأوروبية مصدرا ماديا لها و للأسف لم تتح لي فرصة الاطلاع على قانون العقوبات الإماراتي، و لكن على سبيل المثال لا الحصر أجد كنموذج لتبعية قانون العقوبات العربي لقانون العقوبات الفرنسي في جريمة الزنا
من المادة273 إلى المادة277 من قانون العقوبات المصري
و المادة339 و341 من قانون العقوبات الجزائري....إذا قمت بالإطلاع على هذه المواد ستجدين أنها تحمل نفس ملامح النص الفرنسي قبل تخليه عن تجريم الزناسنة1975
أشكرك جزيل الشكر على السؤال الرائع الذي سعدت جدا بالإجابة عليه