العلاقة بين القانون و الجنس..صراع بين أفروديت و تيميس! ( الجزء الأخير )

لقد اتفقنا أن الجنس غريزة من غرائز البقاء شأنه شأن الهواء الذي نستنشقه و الطعام الذي نتناوله...و لكن السؤال الذي لطالما راودني من خلال دراستي للجرائم الجنسية هو : لماذا يشترط القانون و كذا الدين أن يمارس الجنس بإرادة حرة ؟؟؟
و لكي تفهم مقصدي عزيزي القارئ تخيل أنك رجل بالغ في جزيرة معزولة ! و توجد في نفس الجزيرة فتاة رائعة الجمال...و كنتما تعيشان معا في الجزيرة لسنين طويلة...و ليس لكلاكما أي فرصة في الخروج من هذه الجزيرة و التواصل مع أناس آخرين...عرضت على هذه الفتاة الإرتباط فرفضت رفضا قاطعا...ما العمل ؟؟؟
حاولت دائما تشبيه هذه الحالة بحالة الطفل الصغير الذي يرفض تناول وجبات طعام متتالية...فلو ترك على حريته لأصيب بفقر في الدم أو أي مرض آخر...
و الإجابة في رأيي المتواضع هي أن الجنس هو الحرية المطلقة الوحيدة التي على المرء أن يقرر بمفرده ممارستها من عدمها ، و لا يمكن سؤاله عن سبب رفضه...لأن الفعل الجنسي مرتبط بعاطفة إنسانية أقوى بكثير من الإحساس الذي نحسه عندما نرى طبقا معينا من الطعام ! و لمعرفة كنه هذه العاطفة لابد من معرفة ماذا يريد الرجل من خلال ممارسته للجنس ؟ و ماذا تريد المرأة من خلال هذه الممارسة ؟...هذا أمر يطول شرحه...! 
لنعد لموضوعنا و هو الحرية في ممارسة الجنس...و يسمى الإكراه على ممارسة الجنس إما إغتصابا أو هتكا للعرض أو فعلا مخلا بالحياء ، و الفرق بسيط بين الجرائم الثلاثة...فأي ملامسة غير بريئة لأي عضو من أعضاء الأنثى أو الرجل يتحقق بها الركن المادي لجريمة الفعل المخل بالحياء...أما إذا كانت هذه الملامسة غير البريئة على عضو حساس من أعضاء أحد الجنسين...كالثدي بالنسبة للأنثى كانت الجريمة هنا هتكا للعرض...أما الإغتصاب فهو إدخال العضو الذكري في فرج الأنثى...و الغريب أن التشريعات العربية لا تفرق بين هذه الجرائم فمنها من يسمي الإغتصاب هتكا للعرض ، و منها من يجعل الأنثى فقط ضحية للفعل المخل بالحياء...مع أنه يمكن أن يكون الرجل ضحية لهذا الفعل أيضا!!! 
كان ( بان ) ذميم الخلقة...ذو وجه شيطاني بقرنين صغيرين و لحية موزعة بشكل عشوائي على وجهه القبيح...و مع شكله المخيف كان شديد الشبقية...عاشقا للنساء...و كانت الآلهة ( بومونا) إلهة أشجار الفاكهة مضرب المثل في الأناقة و الجاذبية...ممشوقة القوام...حلوة الإبتسامة...و قد عزفت عن الزواج...رغم أن ( فارتيموس ) أحبها حبا جنونيا...و في صباح ربيعي لمح القبيح بان الجميلة بومونا و هي تطوف حول شجرة تفاح كبيرة و تغني لها...لم يستطع بان تمالك نفسه...و أمسك بومونا من خاصرتها و حاول تقبيلها...صرخت بومونا بأعلى صوتها...و توافق أن سمعتها أفروديت...هنا هددت هذه الأخيرة بان بإخبار والدها بالأمر ، فترك بومونا و اختفى بين الحقول ! 
و في حديث نسائي بين أفروديت و تيميس أخبرتها بالحادثة...و هنا استنتجت تيميس أن الحرية مقترنة بالجنس...و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقترن العاطفة بالعنف...و قد اتفقت النسوة على هذه النقطة أخيرا و بلا مقاومة من أفروديت ! 
فالإغتصاب يكون حتما مقترنا بالعنف...كما قد يقترن الفعل المخل بالحياء و هتك العرض بالعنف أو المباغتة كأن يظهر الرجل أنه سيلمس شيئا ما ثم يلمس فخذ الضحية...
هنا لابد من إبراز مسألة مهمة و هي فلسفة فرنسية بدأت تشيع في مجتمعاتنا العربية و الإسلامية...ففي فرنسا تستطيع المرأة المتزوجة منع زوجها من ممارسة العلاقة الجنسية معها بحجة أنها حرة...و أن الجنس ممارسة إرادية...و بعيدا عن الجدل القانوني في المسألة...أعتقد شخصيا أن الزوجة التي تمنع زوجها من معاشرتها مخطئة...و كان ينبغي لها اللجوء للخلع إذا كرهته...أما أن تمنعه من مضاجعتها فهذا يفتح أمامه و أمامها الباب على مصرعيه لممارسة الجنس مع آخرين مع الإبقاء على العلاقة الزوجية و هذا خاطئ !
تزوجت بومونا من فارتيموس...و حضر بان حفل زفافهما...و مع أنه لم يكن سعيدا بهذا الزواج إلا أنه حاول كتم غيضه و غيرته فهو مجبر على نسيان بومونا للأبد !...لم تروي أفروديت ما شاهدت لفارتيموس عملا بنصيحة تيميس...و يبدو أن تيميس أصبحت مقربة من أفروديت...قد يساهم هذا في تهذيب سلوكات أفروديت الطائشة...من يدري !!! 

0 التعليقات: