قد يبدو للوهلة الأولى أن جريمة القذف بعيدة كل البعد عن الحكمة المذكورة في العنوان ...بيد أن وجه الشبه بينهما يتجسد في كون القذف آفة من آفات اللسان ...و الإعلام (إذا شئنا التدقيق).....و القذف قديم بين البشر، فقد اتهم نبي الله يوسف عليه السلام بالفاحشة، و هو منها بريء و القذف ببساطة هو اتهام شخص معين أو هيئة معينة بأمر قد يمس بالشرف أو السمعة...و يكون ذلك علنا ، و يسمى مطلق التهمة بالقاذف و المتهم بالمقذوف...و قد يكون موجه التهمة ( القاذف) شخصا أو وسيلة من وسائل الإعلام.......كما قد يكون المقذوف شخصا أو هيئة ما
...و الشرف هنا نعني به المنزلة التي يرى الشخص نفسه فيها ، أما السمعة فهي المنزلة التي يرغب أن يضعه الناس فيها ...و هناك فرق بسيط بين جريمتي القذف و السب...ففي جريمة القذف يشترط القانون أن ينسج القاذف قصة لخبره !!! عند إعلانها أمام الناس...كأن يقول: يا من سرقت حقيبة فلانة.....أو يا من زنيت بفلانة...........أما جريمة السب فتكون دون تحديد واقعة بعينها ، فيقول : يا زان !!! أو يا سارق !!!
و تتحقق الجريمة سواء كان الخبر...نقلا عن مصدر آخر أو كان من بنات أفكار المجرم .....فالأمر سيان ، و تجدر الإشارة إلى أن بعض التشريعات تدخل هذه الجريمة ضمن قوانينها الخاصة بالإعلام و ليس ضمن قانون العقوبات...و السبب في رأيي راجع لكثرة ارتكاب هذه الجريمة في الأوساط الصحفية...فالسبق الصحفي عند بعضهم أهم من سمعة المقذوف و شرفه !!!
و هنا قد تتسائل عزيزي القارئ : ماذا لو كانت التهمة صحيحة........ما مصير القاذف؟
تختلف القوانين من بلد لآخر...فبعضها يشترط لقيام هذه الجريمة عدم صحة الخبر أو القصة التي رواها القاذف...بينما تعاقب قوانين أخرى على مجرد الإتهام علنا...و هو الأقرب للصواب في نظري ، لأن التأكد من صحة ما قاله القاذف يتطلب وقتا...كما أن اتهام شخص بما يسيء إلى سمعته علنا ليس من مكارم الأخلاق في شيء.........و عدم معاقبة القاذف سيدفعه حتما إلى تكرار فعلته....، و لأن القاذف و هو يرتكب جريمته قد يستعمل ألفاظا سيئة...تؤذي من يسمعها ، و من هنا فقد وجب عقابه دون حاجة إلى التأكد من صحة ما قال.....أرجو أن تكون هذه التدوينة قد رسمت بعض ملامح جريمة القذف....في انتظار جرائم أخرى تقبلو مني أسمى معاني الإحترام و التقدير.......
دمتم بخير...