نظام الإختبار القضائي....المجرمون الأحرار بقوة القانون !!!

لا يختلف اثنان في أن أفضل مكان قد يتواجد فيه المجرم هو السجن ، غير أن النظام الذي نحن بصدد عرضه لك أخي القارئ له رأي مخالف و يسمى بنظام الإختبار القضائي، و هو نظام يستفيد فيه المجرم ...من عدم دخول السجن ، أي أنه يبقى حرا ...رغم ثبوت ارتكابه للجريمة
كل ما هنالك أن القاضي يعين من يتولى الإشراف عليه ، و يقدم هذا الأخير تقارير دورية عن تحسن حالة المجرم و مدى تأهيله إجتماعيا
و من الناحية التاريخية يعتبر نظام الإختبار القضائي أمريكي النشأة ، أحدثته ضمن تشريعها ولاية مساشوستس سنة ألف و ثمان مئة و ثمان و سبعين ميلادية ...وكان ذالك بسبب قصة طريفة بطلها صانع الأحذية جون أوجستس........الذي تعهد للقاضي بمراقبة شاب سكير كان يشرب الخمر في الطرقات العامة ، فقام جون باستضافة هذا الشاب في بيته و بعد ثلاثة أسابيع أعاده للقاضي...وتعهد الشاب بعد أن ظهرت عليه علامات الإستقامة أمام القاضي بعدم العودة إلى هذا السلوك مجددا ، فأطلق القاضي سراحه مستعملا في ذالك سلطته في العفو ...و قد وقعت أحداث هذه القصة سنة ألف و ثمان مئة وواحد و أربعين ميلادية ، و سمي جون بأب الإختبار القضائي ...لينتشر هذا النظام بعدها في ولايات أخرى ...ثم ينتقل إلى بريطانيا و دول أخرى
لا يمكن لنا أن ننكر أن نظام الإختبار القضائي يحمل في طياته بعض الإيجابيات خاصة إذا كانت الجريمة بسيطة نوعا ما ، و كان المجرم مبتدئا...فتجنيبه دخول السجن يجعله في معزل عن المساجين الأخطر منه ، و الذين قد يعلمونه أصناف الجرائم التي لا يعرفها ، ثم إن احتكاكه بالمشرف يعلمه أسلوب الحياة الطبيعية بعيدا عن عالم الإجرام
أما سلبيات هذا النظام...فأعتقد أنها قد تجعل منه مجازفة حقيقية......فالمجرم يصول و يجول بين الأبرياء ، و لن يستطيع المشرف ردعه عن إجرامه إذا أراد ذالك ، لأن الأول مجرم ...و الثاني مصلح إجتماعي و ليس شرطيا أو عسكريا، كل ما يستطيع فعله هو كتابة التقارير فقط........ثم إن من أهم خصائص العقوبة طابع الإيلام فيها ، وهو في هذه الحالة مفقود رغم أن المدافعين عن الإختبار القضائي يقولون أن الحد من حرية المجرم و مراقبته هو عقاب نفسي.........إلا أن هذا الطرح غير مقنع في رأيي ، كما أن الأخذ المفرط بالإختبار القضائي يشجع الإجرام .......لأن المجرم و هو يخطط لتنفيذ الجريمة يفكر في الوقت نفسه في العبارات التي سيقولها للقاضي للإستفادة من هذا النظام على شاكلة (...سأكون مواطنا صالحا إذا عفوتم عني !...)
و يقول أنصار هذا النظام أن المجرم سيعاقب إذا أخل بالتزاماته خلال فترة الإختبار ...لكن الرد هنا سيكون بسيطا: ماذا سنستفيد من سجن المجرم عند قيامه بقتل شخص ثان أمام أعيننا ؟ هل سنعيد القتيل الثاني للحياة؟؟؟
و أخيرا يتبادر إلى ذهني سؤال معين: كيف يمكن لسكان مدينة هادئة أن يطمئنوا إذا علموا أن بينهم مجرمين تحت الإختبار؟؟؟ لا أعتقد أني سأكون بخير لو كنت من سكان هذه المدينة ........كما لا أنصحك عزيزي القارئ أن تبقى في مدينة كهذه !!!

5 التعليقات:

العابرة يقول...

بارك الله فيك أخي الفاضل على هذه اللفتة الكريمة..

قال تعالى:"حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ((لعلّي)) أعمل صالحا فيما تركت"..

إذا كان الذي لاقى عذاب جهنّم وهو أشدّ العذاب، ما زال غير متأكد من أنه إذا أعطي فرصة أخرى سينجو ويختار درب النجاة.. إذا كان هذا الذي لاقى الويلات نتيجة عصيانه وطغيانه لم ينثني تماما..

هل سنضمن للذي لم يتب ولم يرجع إلى جادة الصواب أن يعود سليما وهو لم يشعر بالندم نتيجة ما فعل، لم يشعر بأنه اقترف ذنبا؟؟؟ كيف له أن يعود صحيحا وهو الذي لم يشعر بوبال جرمه وعاقبته عليه؟؟؟

هذا رأيي والله تعالى أعلم..
بارك الله فيك..
وفقك الله..

معمر يقول...

نعم، كما جاء في ثنايا مدونتك أن لهذا النظام ايجابيات لا يمكن تجاهلها خاصة إذا كانت الجريمة بسيطة، وكان المجرم مبتدئا حتى يبعد عن عالم الإجرام ويوجه إلى الحياة العادية، وربما يتوب ويصبح شخصا صالحا وبناءا...

يوسف يقول...

السلام عليكم
أختي العزيزة/ العابرة
حفظك الله...أنا من رأيك أعتقد أن المجرم الذي تعود على الإجرام، آخر ما يفكر فيه هو التوبة...و حتى لو كان صادقا لابد من معاقبته...شكرا على تدوينك للآية الكريمة...أرجوا أن يدرك رجال القانون أن أفضل ما عليهم فعله هو العودة لتعاليم الشريعة الغراء
أخي العزيز/ معمر
بارك الله فيك أخي العزيز....كلامك رائع و لتطبيقه يجب أولا أن نحدد الجرائم البسيطة....و لا أعتقد أن المروجين لهذا النظام سيقبلون بهذا التحديد

Amna يقول...

مخيف جداً..!
ثق أني سأكون أول من يهرب :)
شكرا لك

يوسف يقول...

السلام عليكم
أختي العزيزة /آمنة

...........هروبك سيكون مبررا
أرجوا أن تساهم أفكارنا البسيطة في ميلاد حلول لهذه الأنظمة...
شكرا على مرورك