قصة يوهان...فلسفة لص ( الجزء الرابع )

كانت الخطوة الأولى بالنسبة ليوهان الأصعب...عليه اختراق مجتمع جديد...مجتمع لم يألفه...و أصعب ما في الأمر هو اقتناع هذا المجتمع بأن يوهان واحد منهم ، و الغريب أن يوهان بقي محتفظا بإسمه...أفضل مكان لخلق صداقات مع حمقى الأغنياء هو الملاهي الليلية التي تختص بتنظيم ألعاب القمار...تلك الطاولات الخشبية التي تحمل فوقها الملايير في كل ليلة...قضى يوهان معظم يومه نائما...لم تكن عادته...و قد أخفق قرابة الساعتين و هو يحاول النوم دون جدوى...إستيقظ على الخامسة مساءا...لقد حان وقت العمل...ارتدى بدلته الجديدة...قميصه الأبيض الناصع البياض...لقد استعمل لأول مرة في حياته هلاما للشعر...لفد بدى وسيما بعض الشيء...كما أنه أحب شكله لأول مرة...بل و لم يلتفت حتى ليده المشلولة التي لطالما أشعرته بالتعاسة ، كان الملهى الليلي بعيدا عن المدينة التي يسكنها يوهان و لهذا كان مضطرا لأن يستقل سيارة للأجرة...و عند وصوله بحث عن مطعم قريب...يجب أن يكون المطعم خاصا بالطبقة التي كان يريد الإندماج فيها...ذالك النوع من المطاعم الهادئة و المملة و الذي يفوق عدد النادلات فيها عدد الزبائن!!! كان ذالك جزءا من الخطة... يريد أن يلاحظه أحد مرتادي الملهى في المطعم قبل دخوله للملهى...طلب طبقا زهيد القيمة و بقي ينتظر...إنها ساعات النهار الأخيرة...و مع أن يوهان سعى لأن يتصرف كشخص من طبقة راقية إلا أنه بقي محتفظا بذهنية الفقير المعدم...فقد كان يطلب أي شيء من أي نادل يمر أمامه كما كان يكرر الأسئلة التافهة نفسها مرات عديدة...بدأ المطعم يعج بالزبائن و لكن أحدا منهم لم يرق يوهان...كان يبحث عن هدف معين و كأنه يعرفه مسبقا...و لم تفلح إبتسامات الغانيات اللواتي كن متواجدات بقوة في التأثير عليه ... كان يبادلهن الإبتسامات بتحفظ كبير...و بعد مرور ساعة و نصف ظهر هناك رجل طويل القامة و قد أشعل السيب فروة رأسه...كان الوقار يبدوا عليه بوضوح...كما أن الثراء مفترض فيه لأن موضع اليد من العصا التي كان يستند عليها كان من الذهب الخالص...إن الوقار و الذكاء اللذان كانا يبدوان في شخص هذا المسن لا يجتمعان مع سلوك المقامر الغبي الذي قد ينفق كل ثروته في ليلة واحدة...و من هنا فقد اعتقد يوهان بأن الشيخ الوقور جاء للمطعم لتناول وجبة العشاء فقط...و سيعود لمنزله...و لن تطأ قدماه الملهى المجاور للمطعم...و مع هذا ظل يراقبه !
تناول الرجل المسن طبقا فاخرا من السمك...كان يأكل بهدوء شديد...و سرعان ما خفق قلب يوهان لما رأى ساعة العجوز الذهبية التي ظهرت فجأت من تحت قميصه...للحظة اعتقد يوهان بأن الخروج بساعة ثمينة اليوم ليس أمرا سيئا...و لكنه تراجع و استحظر الهدف الذي جاء من أجله...نهض العجوز الوقور من مقعده أخيرا...دفع الثمن و خرج...و هنا تبعه يوهان...لقد دخل الملهى فعلا ، كان على يوهان أن يدفع ورقة نقدية عالية القيمة للنادل المكلف بفتح الباب للزبائن...كنوع من التظاهر بالثراء...جلس العجوز أخيرا إلى طاولة كبيرة و قد اجتمع عليها أشخاص آخرون في مثل عمره تقريبا ، لقد سمع يوهان إسمه أخيرا إنه السيد ( ماكسيميليان )...يحتاج يوهان الآن إلى تقنية بارعة من تقنيات صناعة الصدفة... حركة خفيفة و لكنها مدروسة لا تدوم إلا بضع ثوان تكون كافية لخلق شيء من الثقة...و التي من خلالها سيدعو السيد ( ماكسيميليان ) يوهان للجلوس بجنبه إلى الطاولة ، بدأ السيد ( ماكسيميليان ) في اللعب و بقي يوهان يراقبه عن قرب و هو يبحث عن منفذ...كان يعلم علم اليقين بأن الوقت ليس في صالحه فقد بدأت الكؤوس في الدوران...و مع الوقت سيسكر السيد ( ماكسيميليان ) حتما و لن يتمكن يوهان من الدنو منه لأن أحد العاملين في الملهى سيوصله لسيارته التي ركنها بالجوار ثم يتمنى له ليلة هادئة !
و فجأة بدأ أحد الجالسين على الطاولة بالسعال...لقد انتظر يوهان هذه اللحظة طويلا...لقد أسرع إلى المكان الذي توزع منه المشروبات و أحظر كأسين من الماء البارد...و قدم بدوره الكأس الأول للعجوز الذي كان يعاني من نوبة سعال شديدة...ثم اقترب باحترام شديد من السيد ( ماكسيميليان )...و قال : هل تريد شيئا من الماء سيد ( ماكسيميليان ) ؟ و كرد فعل طبيعي تعجب العجوز من كون الشاب قد ناداه باسمه مع أنه لم يكن نادلا بالملهى...و لكنه أحجم عن سؤاله عن ذالك و رد قائلا : لا شكرا يا بني! ...و من حسن حظ يوهان أن نوبة العجوز تفاقمت مما اضطره إلى مغادرة الملهى و هنا قام السيد ( ماكسيميليان ) بدعوة يوهان إلى الجلوس مكانه قائلا : أتجيد اللعب يا بني ؟
فأجاب يوهان بالنفي و لكنه أردف قائلا : من دواعي سروري الجلوس بجانب السيد ( ماكسيميليان ) ...هذا شرف عظيم لي إن أنت تفضلت بمنحه إياي...
لقد أعجب العجوز بلباقة يوهان و ابتسم...كان السيد ( ماكسيميليان ) يغتنم فرصة توزيع أوراق اللعب لسؤال يوهان عن شيء ما يخصه...إدعى يوهان بأنه سمسار...كما زعم بأنه سمع عن السيد ( ماكسيميليان ) كثيرا من الأشخاص الذين يقصدونه عادة في إطار عمله...لقد أدرك يوهان بأنه قاب قوسين من الوصول لمبتغاه...و لذالك قاوم بصعوبة رغبته في سرقة بعض الذين كانوا جالسين مع السيد ( ماكسيميليان )...كانت الأشياء الصغيرة التي كانوا يحملونها ثمينة جدا...ولاعات سجائر...ساعات أيدي...خواتم ذهبية!!!
بعد سهرة طويلة...قرر السيد ( ماكسيميليان ) المغادرة...لقد أنفق الكثير...و شرب الكثير أيضا...حاول يوهان أن يظهر بأنه مرافق الرجل العجوز و لهذا لم يجد النادل ضرورة لمرافقته إلى باب السيارة...و عند وصوله سأله يوهان إن كان بإمكانه القيادة فأجاب السيد ( ماكسيميليان ) بأنه يستطيع القيادة حتى و هو نائم! و هنا ترجاه يوهان بأن يسمح له بقيادة السيارة و إيصاله لمنزله...و أمام هذا الإلحاح وافق السيد العجوز على ذالك...و تحقق ليوهان ما كان يريد في تلك السهرة التي شعر بأنها طويلة جدا... تعرف إلى رجل غني و هو بصدد توثيق علاقة صداقة معه...كما توصل لمعرفة عنوانه و هذا ما جعل يوهان يطير فرحا...
يتبع...دمتم بخير

قصة يوهان...فلسفة لص ( الجزء الثالث )

...ماتت ( إيفا ) بعد خمس سنوات من المقاومة...كانت تحارب على أكثر من جبهة...المرض...الشيخوخة...الفقر... ، لم يكن ليوهان شيء يبقى من أجله في ذالك المنزل...غادره و بقي متنقلا من مكان لآخر فتارة يقضي ليلته في محطة القطار...و تارة يقضيها في قبو عمارة من العمارات التي كان يعرفها...لقد كان يوهان يكبر بسرعة...لم يكن يسعى لذالك قطعا و لكنه حدث !...لقد أصبح شابا ، قام بكراء غرفة بقبو عمارة بثمن زهيد...أما مساحتها فلن أبالغ إذا قلت بأنها تكفي لنوم شخص واحد فقط متوسط الطول...لنومه فقط... هذا ما كان يحتاجه يوهان بعد يوم حافل بالسطو...
لم يكن يوهان رشيق اليدين و لم يتميز قط بخفة الحركة...و هي مميزات السارق الذي لا يشعر الضحية بعملية السرقة حتى إذا تمت و اختفى المجرم تفطنت الضحية...و لكن مع افتقاره لهذه الميزة فقد كان متحكما في تعابير وجهه بشكل يجعله يبدو عاديا جدا في مسرح الجريمة...لأن أصابع الريبة و الشك لا تصوب عادة نحو شخص مشلول الذراع...كما أنه في كثير من المرات التي يسرق فيها لا يتورع عن نصح الضحية و التخفيف عليه مع أن المسروقات لم تبارح جيبه الواسع...و حدث أن قام بسرقة ساعة من يد كهل و لما رأى فجيعته بساعته الثمينة قام بإخراج ساعة أخرى من جيبه كان قد اختلسها في وقت سابق و لم يبعها...و أهداها لذالك الكهل الذي اعتبر الموقف شهامة قل نظيرها !
كان له إحساس خاص تجاه من يسرقه ، ففي العادة يوسع السارق الضحية ضربا بعد سرقته ، كما قد يطعنه بسكين أو يطلق عليه عيارا ناريا ، و لكن يوهان لم يكن من ذالك النوع فقد كان يشعر بأن ضحيته هو بمثابة صديق أو عزيز و لهذا فهو يحتفظ بكل المسروقات التي لا يحتاج لبيعها في غرفته الحقيرة...و أحيانا ينساها داخل جيبه الواسع الذي مزقه من الداخل بشكل يجعل الشيء الذي يضعه فيه يتدحرج داخل المعطف دون أن يحدث صوتا ليستقر في أسفله...لما يلقي نظرة على مسروقاته يتذكر واقعة السرقة بشيء من الحنين ، يبيع منها ما يسد جوعه و يكفي لتسديد أجرة الغرفة...و ربما أهدى بعضها ، و قد حدث أن أهدى لفتاة أراد التودد إليها إسورة ذهبية...و شعرت الفتاة بأنها رأت الإسورة من قبل...كانت قد رأتها حقا في يد رفيقتها و لكنها لم تكن متأكدة من ذالك الشعور...و سرعان ما أنساها بريق الذهب مصدر الإسورة...فالذهب سحر دون السحر و سحره أشد تأثيرا في المرأة لأن رقتها تدفعها لحب كل ما يلمع أما الرجل فيميل للقيمة و تنقطع عواطفه تجاه الأشياء بمجرد بيعها ، و طبعا أخذت الفتاة الإسورة و لكن علاقتها بيوهان لم تدم طويلا لأن يوهان لم يكن يحب الوقوف على التفاصيل...كانت فقيرة معدمة مثله تماما...و لكنها تتصرف برومانسية...كانت رقتها و حرصها عليه أمراغير مألوف بالنسبة إليه ، فبعد وفاة ( إيفا ) لم يسأل أحد قط على صحته...عن سر انتفاخ عينيه عند كل صباح بسبب الرطوبة...لم يتعود على الرتابة في حياته و فجأة وجد فتاة تسأله عن الساعة التي ينام فيها...و وجبته المفضلة...كانت أسئلة سخيفة بالنسبة إليه و لكنه أجاب عليها على نحو ما في البداية...و لكنه أشفق على الفتاة...فقرر تركها لأنه لم يرد مصارحتها بمهنته...كان يتسائل دائما عن سر موافقتها المبدئية عليه...لم يكن وسيما جدا...كما أن شكله لا يوحي تماما بالثراء...كان يوهان بارعا في الحديث إلى الفتيات و لكن للكذب حدودا لا يمكن تجاوزها فإذا أسرف الكاذب في كذبه اكتشف أمره...أما إذا كان محترفا فإنه يستثمر واقعة كشف أمره ليحولها لمزحة...لقد كنت أمزح !!!...
يوهان محترف سرقة...مهنته و هوايته...حياته كلها...إنه يستغل أي تجمع بشري للقيام بها...كان يحب الجنائز جدا...يدخل المقبرة مع عائلة المتوفي و يخيل لمن يرى حزنه بأنه كان أعز أهل الميت للميت...و يوشك الحاضرون على تقديم العزاء له أولا...إنه يقف بينهم و في لحظة الدفن تمتد يده اليسرى للجيوب التي تطالها لحمل ما وجدت...كان يزور المقابر البعيدة عن مدينته...يدخل المقبرة و يقترب من قبر أحدهم...يتأمله مطولا...يتأثر لفقده مع أنه لا يعرفه البتة كما أن تاريخ الوفاة المدون على القبر لا يدع مجالا للشك بأن هذا الإنسان قد ألف الموت أكثر من الحياة...لأنه مات منذ عقود!...إنها الوحدة...تلك المتوحشة البريئة التي تدفع الإنسان لمخاطبة الأشياء...فقط ليتذكر بأنه إنسان ...و في ليلة من الليالي و بعد يوم شاق...استلقى يوهان على فراشه...إنه على وشك اتخاذ قرار مهم في حياته...لا تخافوا فهو لن يفكر في الزواج!!! لقد قرر أن يقوم بعمليات سرقة نوعية...لم يعرف هذا المصطلح و لكنه ببساطة تفكيره قرر أن يكسب أكثر في وقت أقل...لقد سئم سرقة الشيوخ...من الآن فصاعدا سيسرق أناسا آخرين...إنهم الأغنياء...لن يضطر لسماع عويل النساء البائسات عند تعرضهن للسرقة...كما لن يضطر لرؤية عيون الرجال الشاخصة بعد سرقتهم...تلك العيون التي توشك أن تخرج لولا أن قدر لها البقاء بداخل الرأس إلى أن تتبع الروح في خروجها لآخر مرة !
لم يتجنب يوهان الأغنياء خوفا منهم ، و لكن الفقراء أمثاله كانت الطبقة الوحيدة التي يعرف كل تفاصيلها...يعرف أين يضع الواحد منهم ماله قبل أن يقرر سرقته...يعرف كيف يخرج من بينهم بهدوء دون أن يشعروا به...أما الأغنياء فعالم آخر...كان يتمنى التعرف عليه...و للدخول لهذه الطبقة الجديدة لابد من تغيير بعض الأشياء و تعديل البعض الآخر...ملابسه العادية جدا لابد من تغييرها...أما مظهره الخارجي الذي لم يهتم به يوما فيجب عليه تعديله بما يتماشى مع مغامرته الجديدة...سينفق الكثير من المال...سيبيع الكثير من المسروقات التي احتفظ بها في المنزل لوقت طويل...إنه الإستثمار...
يتبع...دمتم بخير

قصة يوهان...فلسفة لص ( الجزء الثاني )

كانت تربية يوهان الأولى مزيجا بين الصدفة و اللامبالاة ، نادرا ما كانت حفاظاته تتغير...أما الرضاعة فمن حسن حظه أن صراخه كان يسمع من كل المباني المجاورة لذالك المنزل الكئيب...و لأن ( إيفا ) العجوز كانت رحيمة رقيقة القلب ذات خبرة بالحياة...أدركت بسهولة بأن ( سنتيا ) الزوجة الثانية لن تعطف على يوهان أو تظهر أدنى اهتمام به إلا ليلا...ذالك أن والده سيعود حتما...لقد كان سكيرا لا يعود للبيت إلى مع طلوع الفجر...يتسلق درج العمارة بصعوبة...كان يقتات من كراء دكان ورثه عن أبيه...لم يبدي يوما اهتماما بيوهان...تغذيته أو لباسه...بينما كانت العجوز ( إيفا ) تتفقده في فترات متقطعة ، لقد رأت ( إيفا ) في يوهان إبنا رزقت به في آخر عمرها فتعلقت به إلى حد بعيد...و كان اسمها أول ما نطق به يوهان...كانت خطواته الأولى أمامها...ثم إن منزلها هو أول منزل دخله يوهان لما خرج لأول مرة ، إنه الآن في الخامسة...تعلم من ( إيفا ) الكتابة و القراءة بصعوبة بالغة...إن الحروف الأبجدية هي كل رصيدها العلمي بعد تجاوزها للعقد السابع من العمر...
في سن السادسة أصيب يوهان بحمى شديدة...لقد قضى ليلة كاملة و هو يهذي و يتقلب على أرضية الغرفة الباردة...إنها أرضية من إسمنت و رطوبة الغرفة عالية جدا...كاد يموت...و لكن أنينه لم يصل لأذني ( إيفا )...في الصباح تفطنت ( سنتيا ) لسكونه ، كان في غرفته المعزولة أشبه ما يكون بميت...وجه شاحب مصفر...و تشنج غريب لذراعه اليمنى...حاولت إيقاظه...ولكنه لم يستيقظ...نادت ( إيفا ) التي قامت بنقله لمستشفى قريب...و لكن الوقت كان قد مضى...لقد شلت يد ( يوهان )اليمنى...
تساقطت السنوات كأوراق الخريف و أصبحت ( إيفا ) شبه عاجزة ، و هنا شعر يوهان بأنه أمام مسؤوليتين كبيرتين...كان عليه الإعتماد على نفسه من جهة ، و الإعتناء ب ( إيفا ) من جهة أخرى فهي أمه التي لم تلده...إنه الآن في التاسعة من العمر....أنه يعتبر أن والده مجرد قصة نسجتها ( إيفا ) لتكفل للوالد قدرا من الإحترام في ذهن يوهان...لم يكن يرى في والده سوى رجل يقدس الخمر...و يحدث الكثير من الضجة كلما دخل المنزل...كان يتمنى أن يلتقي بهذا الوالد مرة واحدة و هو متمتع بكافة ملكاته العقلية...ليحدثه...فقط ليحدثه...كان يتمنى أن يدفعه لدخول المدرسة كما يفعل الآباء...و لكن...، أما ( سنتيا ) فلم تكن أبدا شرسة مع يوهان ، ليس في عنقه جميل قدمته له و لكنها لم تؤذه بكلمة...كان وضعها أشبه بعامة الناس الذين نلتقي بهم صدفة داخل قطار أو حافلة...غريب عنها و غريبة عنه ، هذه هي المسافة التي كانت بينهما...لم يحقد عليها أبدا لأنها تزوجت بوالده فقد أصبحت مثله في هذه المرحلة...لقد أفل نجمها و أضيفت كقطعة جديدة لأثاث بيت قديم!!! فهي تنال اليوم نصيبها من الإهمال...
لقد مرضت ( إيفا )...و شعر يوهان بأن عليه مساعدتها هذه المرة...فلم يبقى في بيتها شيء يمكن بيعه...كانت ليلة شتوية باردة...و لكنها لم تكن ممطرة...و في ساعة متأخرة من الليل عاد الوالد المهمل الذي لم أتكلف عناء إيجاد إسم له في القصة...كان ثملا كعادته...و بعد أن خطى خطوتين ثقيلتين بنجاح هوى على كرسي هش بزاوية المنزل...لقد أصبحت ( سنتيا ) تنتقم منه بطريقتها الخاصة...في أول زواجها كانت تجر جثته إلى الغرفة ثم تلقيه على السرير و تنزع له حذائه...أما الآن فصارت تتركه في المكان الذي يسقط فيه...و لن تخرج حتى من فراشها الذي استغرق وقتا ليصبح دافئا لتلفه ببطانية...إنها تضحية لم ترى ( إيفا ) أنه يستحقها ! كان يستيقظ ليجد نفسه ملقى في دورة المياه أحيانا...و في أحد أركان البيت أحيانا أخرى...لقد سمعت ( سنتيا ) صوته هذه الليلة و هو يتمتم...ثم يضحك...فعادت للنوم ...و هنا تقدم يوهان من والده...و مد يده اليسرى لمعطفه العتيق لم يجد شيئا في الجيب الأول...و كذالك كان الأمر بالنسبة للجيوب الأخرى...لقد أنفق جميع ما معه في تلك الحانة اللعينة ، وهنا تذكر يوهان ركنا بالخزانة كان الوالد كثير التردد إليه قبل الخروج كل ليلة...إنه الدرج...و لكن المشكلة أن ( سنتيا ) نائمة بداخل الغرفة...سحب يوهان الكرسي من تحت والده فسقط هذا الأخير أرضا...صرخ يوهان...خرجت ( سنتيا ) من الغرفة...لم تفهم ما حدث بالضبط...كان الوالد على الأرض...يتلفظ بعبارات غير مفهومة...و كانت تنبعث منه رائحة خمر قوية...و هي رائحة لا تشجع عاقلا على الإقتراب منه ! دخل يوهان الغرفة بسرعة...فتح الدرج السفلي... و أرسل يده اليسرى الصغيرة بين الثياب الداكنة اللون...لقد وجد أوراقا نقدية...لم يعرف قيمتها و لكنه أخذها...أغلق الدرج...و هنا دخلت ( سنتيا ) إليه لتستفسر عما حدث...فأجابها بسذاجة متعمدة أن أباه سقط أرضا فصرخ...كانت أول مرة ينطق بكلمة ( أبي )...تعجبت ( سنتيا ) و ضحكت...ثم أغلقت الباب في وجه يوهان و هي تقول : عندما تكبر ستسقط كل يوم بهذا الشكل مثل والدك !
كان والد يوهان أول ضحاياه...و إن كان يوهان خائفا من اكتشاف أمره و هو يسرق إلا أنه لم يكن يشعر بالذنب لأن ( إيفا ) كانت والدته و عائلته كلها ، وهي اليوم تحتاج إلى دواء و إلى طبيب يشخص مرضها...لم يكن يوهان يعرف أن السرقة جريمة...لم يكن يعرف أنها رذيلة أخلاقية...كما لم يكن يعرف بأنها معصية دينية...لم يعرف معنى أي من هذه المصطلحات...لأنه لم يعرف من التربية سوى الطعام و اللباس ! لقد اعتقدت ( إيفا ) بأن والد يوهان هو من أعطاه المال...لقد أقنعها يوهان بذالك...كانت أول مرة يكذب عليها ، و لم يخطر ببالها بأنه سرق...لطالما كان يلبس ما يجود به المحسنون من عائلتها...أو ما تشتريه له بعد أن تدخر من معاش زوجها قسطا يكفي لشراء ملابس مستعملة...كما أنه لم يعاني الجوع يوما...لم يكن له دافع للسرقة لأنه تعود الفقر...أو بمفهوم أكثر لباقة...كان الفقر جزءا من قدره منذ ولد ، و حتى لو عرفت ( إيفا ) الحقيقة ما كانت موعظتها لتترك أثرا في نفس يوهان لأن ما قال ( فيري ) في شأن الجريمة ينطبق على يوهان أكثر من غيره (...بطون جائعة تستلزم حتما آذانا صماء...)...لقد كان فيري عملاقا في علم الإجرام و لكنه لو عرف يوهان لأحبه...لأنه ببساطة سيرى بأن نظريته تجسدت في إنسان حي من لحم و دم...لقد نجحت أول عملية سرقة قام بها يوهان...لقد زادت ثقته بنفسه إنه يكتشف عالم الجريمة...لقد أدرك أن بوسعه كسب الكثير...لأول مرة يخالجه شعور بالإمتنان لوالده و ل ( سنتيا ) فبفضلهما اكتشف بأنه موهوب ، لقد اعتقد الوالد بأن ( سنتيا ) هي من سرق المال و لكنه التزم الصمت...و فضل مفاجأتها و هي تسرق !
و بعد يومين من الحادث كانت العجوز ( إيفا ) قد علمت بأنها تعاني من فقر في الدم...بعدما نقلها يوهان لطبيب بالمنطقة و اشترى لها بعض الأدوية...
لقد نفذ المال و على يوهان اختيار ضحية أخرى!!!
يتبع...دمتم بخير

قصة يوهان...فلسفة لص ( الجزء الأول )

بداية أتقدم بجزيل الشكر لكل من سأل عني خلال فترة غيابي التي كانت على ما يبدو طويلة نسبيا...لقد سبق و أن نشرت قصة قصيرة حول جريمة قتل كان بطلها السيد صول ...أما هذه القصة فمختلفة و قد بدأت كتابتها منذ مدة...و باعتبار أنها تعنى بالجريمة عموما...و تجسد الكثير من النظريات التي يحوم حولها علم الإجرام فقد قررت مشاركتكم أعزائي القراء تفاصيلها...كما أرجو أن تنال إعجابكم :
...و أخيرا مات يوهان...لقد أراح سطح الأرض من وزنه الخفيف و لعل باطنها يرتاح أيضا بعد تلاشي آخر قطعة من جسده النحيف...مات يوهان الذي عاش و لكنه لم يعش...مات حقيقة بعدما مات حكما قبل ذالك التاريخ بزمن بعيد...أنفاسه كانت معدودة عدها بنفسه كما يعد التاجر البخيل الشحيح بقايا القطع النقدية في درجه مع نهاية كل يوم...بعد أن يجمع الأوراق الخفيفة وزنا و الثمينة قيمة ، لن أجازف بالقول إن ليوهان قصة خاصة فهو لم يكن مميزا في شيء أو بتعبير آخر لم يكن محظوظا في شيء...أن تتعود على الخسارة شعور لا يعرفه الكثيرون لأنك إن تعودت عليها فمن الصعب عليك العيش في ظروف أخرى...أعني ظروفا أحسن...إنها الألفة ، فمن ألف الفقر لم يسعه الغنى إلا بعد حين ، بيد أن درجات الألفة تختلف من شخص لآخر ، لم يكن يوهان مختارا في تقبل وضعه فقد ولد فقيرا في حي فقير ماتت والدته ، و سارع والده للزواج من امرأة أخرى و كأنه كان ينتظر موت زوجته الأولى...لقد كانت كثيرة المرض...كثيرة الشكوى...و هذه هي الصفات التي يصعب على كثير من الرجال الذين يشبهون هذا الرجل تقبلها...قبل موتها بسنوات بدأ جسمها بالهزال...لم تعد تلك الفتاة النظرة التي أحبها للون شعرها الذهبي و بريق عينيها...تلك الصفات التي تجعل من الفتيات مرغوبات ...و لكن ذالك لا يعني بالضرورة أنهن محبوبات...هي مفارقة لا تفهمها الكثير من الفتيات اللواتي يعتقدن أو يردن الإعتقاد بأن شبابهن دائم...و هذه الحالة أشبه بحالة العجوز الهرم الذي يعلم علم اليقين بأنه مقبل على العالم الآخر و لكنه يرفض أي حديث يذكره بسنه أو دنو أجله ، بل و يطرب لأحاديث الأمل و لمن يخبره بأنه مازال في طور الشباب...كانت الزوجة الثانية من الفتيات الحكيمات أقصد ذالك النوع من النساء الذي يعرف كيف و أين و متى...سياسة المحافظة على الرجل تحت أي ظرف كان...أما هو فكان يعرف بأنها تنافقه في كل ما تقول و تفعل و لكنه تجاهل الأمر...لم يكن ليوهان الصبي أي دور في هذه التضحية أعني بأن والده لم يكن يتحمل ذالك النفاق من أجل إبنه بل لكي يعيش ما تبقى من أيامه مع زوجة مفعمة بالأنوثة فهذا كاف بالنسبة إليه...أما يوهان فكان بالنسبة إليه قطعة من أثاث البيت و لا داعي للمفاضلة بين تلك القطع لأن كلها هش و عتيق
يتبع...دمتم بخير

الدعاية الإعلامية للحرب...جريمة و صحفي سافل

دعونا نتذكر أن من أهم أسباب قيام الحرب العالمية الثانية كانت الدعاية المغرضة...تلك الدعاية التي شنتها الصحف لزرع الكراهية بين الشعوب...و قد نجحت الخطة لأن الكل أصبح ينتظر الحرب...و أصبح السؤال المتداول هو متى ؟ بدلا من لماذا؟ و كأن الأمر قد حسم فعلا...
إن الترويج الإعلامي للحرب جريمة دولية جرمتها المادة 20 من الإتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية و السياسية سنة 1966 ، و تقوم هاته الجريمة عند القيام بسلوك يتمثل في عمل إعلامي بحت يحمل في طياته دعوة للعداء بين الشعوب أو الطوائف أو مجموعات بشرية داخل الدولة الواحدة...و عادة ما تتم هذه العملية على مراحل بحيث لا يصل فيها الصحفي إلى درجة التحريض...فهو لا يقول مثلا:... إنتفض الشعب ( أ)...بل يقول : بعد إنتفاضة الشعبين ( ب ) و ( ج)...ماذا عن الدول المجاورة؟؟؟...يقصد ( أ )........هل سيكون النموذج....ملهما لباقي الشعوب العربية؟؟؟
لقد انبرت الكثير من الفضائيات اليوم لزرع الفتنة...و سقط قناع المصداقية الذي لطالما حاولت هذه الفضائيات إظهاره...فكانت كالعجوز التي تبالغ في وضع مساحيق التجميل... علها تفلح في إخفاء بعض من آثار الزمن على وجهها...لقد ظهرت الصورة الحقيقية لهذه القنوات...وجوه أشبه بوجوه الأمساخ ، أعترف انني كتبت هذه التدوينة بعد مشاهدتي لبرنامج من تقديم صحافيين عرب حاولوا بكل ما أوتو من قوة توريط دولهم من خلال توجيه اتهامات خطيرة لسلطاتهم فشعرت بالعار...تذكرت القائد النازي سوكيل الذي قال قبل إعدامه و بعد محاكمة نورنبورغ الشهيرة : (...حفظ الله ألمانيا...لتعود عظيمة كما كانت ) ...
و قد يقول قائل : كيف يمكن متابعة هؤلاء ؟؟؟
و أجيبه بقولي: ...لا أعتقد أن في الإمكان متابعتهم...فالقانون الدولي و إن كان مقننا إلا أنه مجرد ربطة عنق فيرأس متعفن إسمه السياسة...فكل متابعة بجريمة دولية لابد أن تكون تصفية لحسابات سياسية...و لو أن المجرم قبل بما عرضته عليه دول...لتمت التسوية دون ان يعرف المجتمع الدولي بالجريمة ، ثم إن الذين يقومون بهذه الجريمة بالذات عبارة عن أقلام مأجورة...و أصوات مأجورة...و من يستأجرهم يوفر لهم الحماية...حفظ الله بلداننا العربية من كل شر
رمضان كريم أتمناه لك عزيزي القارئ...أعاده الله علينا بالخير و اليمن و البركات

التكييف...هندسة الجريمة

...مع أني لم أكن جيدا في مادة الرياضيات في طفولتي إلا انني أعترف بأهميتها و إن كان إعترافا متأخرا بعض الشيء ، يعد تكييف الجريمة أهم مرحلة تمر عليها...و التكييف هو إعطاء الوصف المناسب للواقعة التي أخلت بسكينة المجتمع...فمثلا نكيف واقعة ملامسة شاب لفتاة داخل حافلة ملامسة غير بريئة بفعل علني مخل بالحياء...و نكيف واقعة وضع اليد في جيب شخص ما خلسة بمحاولة للسرقة...و هكذا، و باختصار هي وضع الواقعة في قالب من القوالب الجاهزة قي قانون العقوبات على أن يكون قالبا مناسبا...أي تعطى شكلا هندسيا معينا ، و تكمن صعوبة التكييف في أن الواقعة تكون مجرد حكاية يسردها الضحية في مكتب الشرطة...و الشاكي لا يعرف لغة القانون فيقوم برواية قصة طويلة دون التركيز على مكونات الجريمة فبدلا من أن يقول : سرقت إحدى دجاجاتي من طرف فلان...فإنه يقول : أعجب فلان بإحدى دجاجاتي لما أخبرته بأنها تنتج خمس بيضات كل يوم ، و في يوم اختفاء الدجاجة إلتقيت بفلان صباحا و توجهنا سويا للمقهى و عرض علي شراء الدجاجة و لكنني رفضت ثم تحدثنا عن حالة الطقس و تأثيره على المزروعات...، فمن كل هذه الوقائع المتداخلة علينا استخلاص الأركان المكونة للجريمة إن وجدت ، إن المسؤول الأول عن التكييف هو النيابة العامة باعتبارها ممثلة المجتمع...غير أن التكييف الذي تعطيه النيابة قد لا يكون صائبا في كل الأحوال و هنا جاز لقاضي التحقيق في القضايا التي تعرض عليه أن يعيد تكييفها بما يراه مناسبا مع الوقائع على أن يعلم النيابة بالتكييف الجديد ، و للنيابة ان تطعن في تكييفه الجديد...لتبدأ معركة الإجراءات بينهما...و لما يصل ملف القضية للمحاكمة قد يغير القاضي الذي سيفصل في القضية التكييف مرة أخرى و هنا قد يأخذ التكييف شكل المثلث برؤوس ثلاثة : النيابة العامة و قاضي التحقيق و قاضي الحكم .
إن تغيير التكييف الذي تعطيه النيابة العامة للجريمة حالة إستثنائية فغالبا ما تحتفظ الجريمة بالتكييف الذي أعطته لها النيابة...و قد يكون للفعل الواحد المرتكب عدة أوصاف هنا نكون أمام حالة تعدد الجرائم ...ولكل مشكلة حل في قانون العقوبات...كن بخير عزيزي القارئ

قاضي التحقيق و المخرج السينمائي....جناس كامل

بداية أتوجه بالشكر إلى كل من سأل عني خلال فترة غيابي...و الذي كان بسبب ظروف لم يكن لي قبل بدفعها...سأواصل التدوين بحول الله بالوتيرة التي كنت عليها سابقا...بمعدل تدوينة كل نهاية أسبوع...و لقد جاءت هذه التدوينة لإعلان عودتي...
قد يبدو ما سأكتبه غريبا بعض الشيءللوهلة الأولى و لكن ستتضح الفكرة شيئا فشيئا...فأول ما سيتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ هو العلاقة التي قد تربط قاضي التحقيق مع المخرج السينمائي؟؟؟ فالمخرج هو فنان يقرأ القصة بعمق يفهم أبعادها و يجسدها من خلال اختيار الممثلين و إعطاء كل منهم الدور الذي يناسبه ، أما قاضي التحقيق فدوره يكمن في التحقيق في جريمة ما للوصول إلى الحقيقة القضائية...من ارتكب الجريمة؟؟؟
و من بين أوجه التشابه التي يمكن استنتاجها من عمل كليهما أن كلا منهما ينبغي له أن يكون متفاعلا مع ما يتوصل إليه ، فالتفاعل الذي يكون بين المخرج و القصة هو الذي يساعد الممثل على فهم الدور فينعكس ذلك إيجابا على العمل...أما تفاعل قاضي التحقيق مع قضيته فيدفعه إلى استغلال كل دليل وقع بين يديه...بصمة...شعرة...خيط...أي دليل مهما كان حجمه يساعد في الإقتراب من هوية المجرم.
ثم إن كلا منهما لابد له من أن يكون واسع الخيال...فالمخرج يطير بخياله إلى زمان و مكان وقوع القصة...يحاكي بنايات المكان...سلوكات سكانه...عاداتهم...أسلوب حياتهم ، و سعة الخيال سمة من السمات التي على قاضي التحقيق الإتصاف بها ، و على هذا فمن الصلاحيات التي خولها القانون لقاضي التحقيق إجراء يسمى إعادة تمثيل الجريمة...حيث ينتقل قاضي التحقيق لمكان وقوع الجريمة رفقة المجرم و الشرطة و الشهود...و يطلب منهم إعادة تمثيل الجريمة...و إن كان الضحية ميتا طلب القاضي من أحد رجال الشرطة القيام بدوره...كل هذا ليجتمع المشهد كاملا في ذهن قاضي التحقيق...و أيضا لكي يتذكر من عايش الجريمة بعض تفاصيلها التي قد تنسى من هول المفاجئة.
و أضيف...إن المخرج الذكي هو من يسند دور البطولة للممثل المناسب الذي يتمتع بالخبرة و الكفاءة ، لأن الدور الأساسي في أي عمل هو من يحدد مصيره و لهذا فتوزيع الأدوار عملية صعبة بالنسبة إلى أي مخرج تقتضي معرفة كاملة بإمكانيات كل ممثل و خبرته...و لكن قاضي التحقيق لم يختر المجرم و لا الشهود و لا الضحايا...و هنا يظهر ذكاء قاضي التحقيق من خلال الإستجواب الأول لكل منهم ...فمن خلال اللقاء الأول بهم يدرك القاضي من منهم سيوصله إلى كبد الحقيقة...قد يكون المتهم نفسه...كما قد يكون أحد الشهود...و عليه أن يقوم باستجوابهم بكثير من الحيطة و الحذر و عليه أقول أن قاضي التحقيق و المخرج السينمائي كالجناس الكامل...فأمام اختلاف إسمهما و وظيفة كل منهما...إلا أن الصفات التي يجب أن تتوفر فيهما واحدة...بيد أن سعادة المخرج تكمن في أن يلقى عمله النجاح...أماسعادة قاضي التحقيق فهي في فك طلاسم الجريمة و الوصول للفاعل الحقيقي......دمتم بخير