قرينة البراءة.........المتهم ملاك بجناحين !!!

كثيرا ما نسمع عبارة ( المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته ) ، و إن كانت هذه المقولة شعبية إلى حد بعيد ، إلا أن القانون الجزائي يلبس المجرم الذي لم تتم محاكمته و إدانته بعد لباس البراءة الأبيض ، وعلة ذالك في رأيهم أن الأصل في الإنسان البراءة...و أنه لا يعامل كمجرم إلا بعد صدور حكم يدينه ، بل إن إتجاهات عديدة في مجال القانون الجزائي تعترض على بعض المصطلحات المستخدمة حاليا ...كمصطلح مجرم و متهم ...وتفضل استخدام وصف مذنب أو مخطئ لأن ذالك في نظرهم يعتبر أكثر إنسانية !
لقد كانت قرينة البراءة محل اهتمام دولي قبل أن تدخل مجال التشريعات الوطنية ، فقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 ديسمبر1948 في المادة11 فقرة أولى على مايلي ( كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية....)
و كنتيجة لتطبيق مبدأ قرينة البراءة ...يعامل المجرم معاملة الإنسان العادي في كل مراحل الدعوى العمومية فيعتبره القانون مجرد نزيل في مرحلة التوقيف للنظر، كما أنه أشبه بالضيف الذي تستضيفه البرامج الصباحية عبر الفضائيات في مرحلة التحقيق حيث أنه يجيب عن الأسئلة التي يريد و يلتزم الصمت متى شاء و يعتبره القانون حقا له ، أما مرحلة المحاكمة فتكون له فيها الكلمة الأخيرة قبل دخول القاضي إلى غرفة المداولات.
وما يجب أن تعرفه عزيزي القارئ أن قرينة البراءة تعطي للمتهم سلاحين فتاكين:
أولهما أنه غير مكلف بإثبات برائته: بحيث يجب على النيابة العامة التي وجهت له التهمة أن تثبت أنه ارتكبها فعلا .
أما السلاح الثاني و هو الأكثر فتكا ، يتمثل في أن أي شك يساور القاضي في نسبة الأفعال المجرمة إلى المتهم ...يجعل القاضي يفسر شكه لمصلحة المتهم و بالتالي يبرئه ، بقي أن أشير إلى أن هاذين السلاحين لا يتوفران في كل الجرائم ...فهناك جرائم يكون فيها المتهم مدانا إبتداءا و عليه أن يثبت برائته.........فتنعكس القاعدة التي ذكرناها سابقا .
أما عن موقفي من ذالك....فأعتقد أن الله عزوجل قد خلق الملائكة و الشياطين ، فسخر الأولى للتسبيح...وجعل في الثانية رغبة لفعل كل قبيح و خلق الإنسان وجعله بين الإثنين...فإن التزم الفضيلة كان أقرب للملاك ، و إن أدمن الرذيلة كان شيطانا في هيئة إنسان و من هنا أقول أن المجرم مجرم....فلا داعي لاختيار المصطلحات الرقيقة لمجاملته، كل ما هنالك أن له الحق في عدم معاقبته حتى صدور حكم يدينه...أما تدليله خلال مرحلة المتابعة فلا أعتقد بأنها فكرة جيدة ...و تطبيق هذه النظرية جعل رجال القانون ينظرون إلى المجرمين على أنهم ملائكة، و أن السلاحين اللذين ذكرتهما سابقا بمثابة الجناحين....يطير بهما المجرم حيثما شاء في سماء العدالة.....ترى لو تخيلنا هذه الصورة ماذا سيكون لون هذه السماء؟؟؟

5 التعليقات:

لورنس العرب يقول...

يا أخي ولله لقد لمست موضوع في غاية الأهميه

المتهم بريء حتى تثبت ادانته!

هذا لم ولن يحدث ابدا
فبمجرد أن يتهمك احدا بأي شيء -ولو كان الاتهام زورا- فقد تدخل في متاهه لا يعلمها إلا الله
وربما قد يوصي عليك من أتهمك الشرطه وأمناء الشرطه بالاقسام لكي يفعلوا بك ما يريدون فقط من أجل تأديبك
وما أن تظهر البراءة أو عدم صحة الاتهام حتى تخرج ولا تجد حتى كلمة اعتذار
والواقع ان هذا متأصل في الجميع حتى الصحافه
فغالبا -وانا اتحدث عن الصحافه في بلدي- عندما يتم اتهام احدا في قضية تجد داخل الجريدة وكان مصيبه حدثت
اما عندما يأخذ براءة فتجد خبر البراءة مكتوب في موقع صغير بصفحة الحوادث
يأخذ البراة بعد ان يكون قد فقد سمعته واحترام الناس له
احييك على هذا الموضوع
ودمت بخير

محمود الجزائري المدني يقول...

سيكون لون هذه السماء...ابيضا قاتما؟؟؟.
لكنني اعتقد ان هذا الوضع الماساوي من صنع يد الانسان الذي لم يعجبه تشريع الخالق المدبر, ففتح لنفسه بابا ظن ان فيه مخرجه, لكن وجد نفسه يتخبط في دوامة لم يستطع حتى تحديد موقعه فيها ...هل هو المجرم ام الضحية ام القاضي ام المحامي ام الشاهد ام... ام...ام... .بل الادهى والامر انه اضافة الى هذه الحال المؤسفة يعتقد جازما انه على حق, اذن هنا ىحلت المصيبة؟؟؟ فجهله مركب رغم انه قد يسمى بمسميات من هو من اهل العلم والدراية كالاستاذ والدكتور والبروفيسور... الى غير ذلك من النعوت التي لاتسمن ولا تغني من جوع

العابرة يقول...

أخي الفاضل :-

كتبت فأصبت - إن شاء الله -

أما عن سماء العدالة -إن كان يجوز لي أصلا تسميتها بهذا الإسم بعد تلويثها بالمجرمين " المبرّئين"..! - فبالطبع ستكون قاتمة مكفهرّة حين يفسح المجال للمجرم بالتطاول بعد أن تمّت تبرئته أمام القانون..!

أظنّ أنّ تلك القوانين تدعم الباطل أكثر من الحق، وتفسح المجال لزيادة السواد في الأنفس والقلوب.. فبأي حق وأين العدل في تبرئة مجرم وتجريم بيء؟؟ وأين العدالة وطهرها إذا تمّ معاقبة الأبرياء وإطلاق سراح المجرمين.. فقط وفقط لأنّ البريء لم يكن ذكيّا ولم يكن نبيها ليستطيع دفع التهمة عنه!!

على كلّ حال.. فإنّ الله يمهل ولا يهمل.. ولكل ظالم يوم يردّ عليه ظلمه!

أسلوبك جميل وراقي فواصل..
بارك الله فيك^^

اقصوصه يقول...

تدوينه جميله وهادفه

يوسف يقول...

السلام عليكم
أخي العزيز/ لورانس
لك كل الشكر على تشجيعك أخي الفاضل أما عن التهمة في حد ذاتها فعلى كل شخص أن يعرف و لو نزرا يسيرا من حقوقه القانونية على سبيل الإحتياط
أختي العزيزة/ العابرة
سعيد جدا بتعليقك......صدقت لا عدالة إلا العدالة الإلاهية...و مهما اجتهد الباحثون في القانون و في غيره فلن يصلوا أبدا إلى كمال التشريع الإلاهي...بارك الله فيك
أخي العزيز /محمود
أشكرك على تعليقك.......لا تغتر أخي بالمسميات فالعبرة بما يستطيع المرء تقديمه من نفع لغيره أما الألقاب فكثيرا ما تثبت عجزها عن تقييم أصحابها
أختي العزيزة/ أقصوصة
أشكرك على تشجيعك...وفقك الله لما يحب و يرضى